أسعار النفط والتوترات الجيوسياسية
استعادت أسعار النفط مسارها الصعودي -بعد انخفاض دام طويلا- بفعل مخاوف من أن الصراع المتصاعد في الشرق الأوسط قد يهدد إمدادات النفط من أكبر منطقة منتجة في العالم، حيث تمتلك منطقة الشرق الأوسط نحو 50% من احتياطات النفط العالمية، مما يجعلها محورًا حساسًا في سوق النفط. ويمكن مراقبة أسعار النفط من خلال شاشة أسعار أكسيا.
تاريخيا.. كيف أثرت التوترات الجيوسياسية على أسعار النفط؟
- حرب كتوبر 1973
خلال حرب 6 أكتوبر بين مصر وإسرائيل عام 1973، قامت الدول العربية بقيادة المملكة العربية السعودية بقطع إمداد النفط عن الدول الغربية وأمريكا، وقد تسبب ذلك في ارتفاع أسعار النفط العالمية بنسبة 130%.
- غزو العراق للكويت
في الثاني من أغسطس لعام 1990، قام صدام حسين، رئيس العراق، بغزو الكويت واحتلالها لفترة زمنية وجيزة، وقد تسبب ذلك في قفز أسعار النفط بقوة حيث تعد الكويت من كبار مصدري النفط. وخلال تلك الفترة ارتفع النفط بنسبة 135%.
- غزو روسيا لأوكرانيا
عندما غزت روسيا أوكرانيا في فبراير 2022، ارتفعت أسعار برنت بنسبة 30% تقريبًا خلال أول أسبوعين بعد الغزو ليصل إلى 130 دولار للبرميل. ومع ذلك، انخفضت الأسعار بعد ذلك مرة أخرى، وعادت إلى مستويات ما قبل الغزو بعد حوالي ثمانية أسابيع.
- أحداث حرب غزة
ارتفعت أسعار برنت بحوالي 7% خلال الأسبوع الذي أعقب بداية حرب غزة في 7 أكتوبر 2023 لترتفع أسعار برنت إلى مستويات 90 دولار للبرميل قبل أن تبدأ في التراجع بعد ذلك.
وأوضح الدكتور ياغي أن تأثير الصراعات في غزة ولبنان على إنتاج النفط العالمي محدود جدًّا، كون هذه المناطق ليست منتجة للنفط، حيث يعتمد لبنان وإسرائيل على استيراد النفط، فيما يحصل قطاع غزة على المشتقات النفطية من إسرائيل.
ويبدو من المخطط أن التوترات العسكرية الراهنة وإن كانت تؤثر بشكل كبير على أسعار النفط غير أن أثرها مقارنة بأثر التوترات العسكرية في الماضي أصبح محدودا نوعا ما، وذلك نظرا لارتفا إنتاج النفط من جانب الدول الغير عضوة في أوبك وأيضا تحقيق أمريكا للاكتفاء الذاتي. للمزيد حول الأسباب التي تؤثر على أسعار النفط قم بزيارة موقع أكسيا.
أسعار النفط ترتفع مع ترقب ضرب منشئات النفط الإيرانية
ارتفعت أسعار النفط منذ بداية أكتوبر بعد توجيه إيران ضربات صاروخية قوية لإسرائيل وواصلت الأسعار ارتفاعها في ظل ترقب الرد الإسرائيلي والذي يتوقع أن يشمل المنشئات النفطية الإيرانية.
حتي توقيت كتابة المقال، ارتفع سعر النفط خام برنت بنسبة 12% منذ يوم 1 أكتوبر، حيث يتم تداوله حاليا عند مستويات 81.8 دولار للبرميل.
لماذا إيران؟
لم يؤد الصراع بين إسرائيل وغزة إلى زيادة مستدامة في أسعار النفط، وذلك لأن إسرائيل لا تنتج الكثير من النفط، لكن إيران تعتبر لاعباً رئيسياً في السوق العالمية للنفط الخام، حيث تصنف أحدث البيانات الصادرة عن إدارة معلومات الطاقة الأمريكية إيران باعتبارها تاسع أكبر منتج للنفط، حيث تمثل حوالي 4٪ من إنتاج النفط العالمي العام الماضي.
في حين أن هذا قد يبدو وكأنه حصة صغيرة، فقد أظهرت الأبحاث أن أحداثًا مثل تأميم إيران لشركة النفط الأنجلو-إيرانية المملوكة لشركة بريتيش بتروليوم في أوائل الخمسينيات من القرن الماضي، والثورة الإيرانية في أواخر السبعينيات، والحرب الإيرانية العراقية في أوائل الثمانينيات، تسببت جميعها في ارتفاع أسعار النفط الخام.
وبالتالي فإن مدى رد إسرائيل على التصعيد الأخير يمكن أن يكون له تأثير حقيقي على أسعار النفط في الأيام المقبلة.
أوبك+ يمكنها تعويض الإنتاج
يقول المحللون أن مجموعة أوبك + يمكنها إنتاج المزيد من النفط إذا أرادت ذلك، حيث تنتج حاليا كميات أقل من النفط لدعم الأسعار وهذا يعني أن أوبك+ يمكنها من الناحية النظرية، تعويض النفط الإيراني المفقود بسهولة.
تقدر شركة “ريستاد إنرجي” لأبحاث الطاقة أن إيران تنتج نحو 4 ملايين برميل من الخام يوميا، وتصدر نحو 2 مليون. وكتب كلاوديو جالمبرتي، كبير الاقتصاديين في شركة ريستاد إنرجي، أن كمية النفط التي يمكن أن تنتجها أوبك+ تبلغ حاليًا أكثر من 5 ملايين برميل يوميًا.
إنتاج النفط الإيراني ليس مصدر القلق الوحيد
هناك خطر من أن يؤدي أي تصعيد في المنطقة إلى إغلاق مضيق هرمز الذي يمر منه عدد كبير ناقلات النفط بما يقدر بحوالي ثلث إجمالي النفط المتداول بحريا، كما يمر من خلاله خُمس الغاز الطبيعي المسال.
توقعات أسعار النفط
قالت أمريتا سين، مؤسسة شركة أبحاث الطاقة “إنرجي أسبكتس” إذا حدث هجوم على منشئات النفط الإيرانية فمن المحتمل أن ترتفع الأسعار أعلى من 100 دولار للبرميل وربما 120 دولارًا أو 130 دولارًا لخام برنت، فيما قدر “جولدمان ساكس” أن ضربة إسرائيلية تستهدف منشآت النفط الإيرانية قد تسبب ارتفاع سعر الخام بنحو 20 دولار.
على الجانب الآخر، يتوقع الدكتور ياغي أن أسعار النفط ستظل مستقرة في حدود معينة، حيث لن تتجاوز 90 دولارًا في أسوأ الحالات لأن النفط لم يعد المصدر الوحيد كما كان في السابق، بسبب توافر البدائل مثل الغاز ومصادر الطاقة النظيفة، بالإضافة إلى قدرة دول الخليج على زيادة إنتاجها لتعويض أي نقص في الأسواق كما ذكرنا سابقا. ولمعرفة كيفية تداول النفط، قم بزيارة موقع أكسيا الآن.
الملخص
تتأثر أسواق النفط بالتوترات الجيوسياسية في الشوق الأوسط خاصة في إيران، إلا أن التحولات في إنتاج الطاقة واحتمالية زيادة إنتاج أوبك قد يساعد في التخفيف من حدة هذه التأثيرات. كما أن تزايد الاعتماد على بدائل الطاقة الأخرى، مثل الغاز والطاقة الشمسية يعني أن مستقبل النفط سيكون أقل اضطرابًا مما كان عليه في العقود السابقة.