أسعار النفط تواصل انخفاضها خلال الستة أشهر الماضية، فهل تواصل الانخفاض؟
لا يزال سعر النفط الخام منخفضا بشكل ملحوظ منذ بداية العام حتى الآن، مع انخفاضات حادة ناجمة عن المخاوف بشأن ضعف الطلب في الصين، أكبر مستورد، فضلاً عن علامات التباطؤ في الولايات المتحدة. وأجبر الركود تحالف “أوبك+” على تأجيل التخفيف المخطط لقيود الإمدادات لمدة شهرين. فهل تواصل أسعار النفط انخفاضها؟
نظرة على أسعار النفط خلال الستة أشهر
هبط خام برنت بشكل كبير خاصة خلال الربع الحالي، حيث خسر الخام الذي يُنظر له كمعيار عالمي لسوق النفط 25% من قيمته تقريباً منذ نهاية مارس الماضي، وتراجع بحوالي 10% خلال الشهر الماضي.
وقد وصلت أسعار النفط لأعلى مستوياتها خلال الستة أشهر الماضية في 5 أبريل الماضي، حيث سجلت 92 دولار للبرميل وقت إغلاق الجلسة. ورغم أن أسعار النفط انخفضت لمستويات 76 دولار في 21 أغسطس وهو أدنى مستوى منذ سبتمبر 2021 إلا أنه واصل الانخفاض ليستقر في جلسة الخميس 12 سبتمبر 2024 عند مستويات 71.77 دولار للبرميل.
عوامل العرض المؤثرة على أسعار النفط
- قرارات أوبك
ظهرت تقارير هذا الأسبوع تفيد بأن منظمة أوبك+ ستؤجل زياداتها المقررة في إنتاج النفط الخام لبضعة أشهر بسبب تراجع أسعار النفط. وقد تسببت الأخبار في ارتفاع أولي، ولكن سرعان ما تراجعت تلك المكاسب. حيث أثار ذلك القرار مخاوف المستثمرين من إمكانية ضخ البراميل الإضافية إلى السوق بنهاية عام 2025.
أيضا تضررت أسعار النفط بعد قيام أوبك، بخفض توقعاتها لنمو الطلب العالمي على الخام خلال العام الجاري إلى 2.03 مليون برميل يوميا، مقابل 2.11 مليون برميل يوميا في توقعات الشهر الماضي. كما خفّضت المنظمة تقديراتها لنمو الطلب العالمي في 2025 إلى 1.74 مليون برميل يومياً من 1.78 مليون برميل يومياً. - خفض الإنتاج الأمريكي بسبب التغيرات المناخية
تعطلت عمليات إنتاج الطاقة والصادرات الزراعية من خليج المكسيك بالولايات المتحدة، كما تباطأت عمليات مصافي النفط في لويزيانا، مع ترقب وصول الإعصار “فرانسين” إلى اليابسة.
وبحسب الجهات التنظيمية البحرية، تعطل إنتاج النفط الخام بنحو 39%، كما توقف نصف إنتاج الغاز الطبيعي في خليج المكسيك، بعدما تم إجلاء العاملين من 171 منصة إنتاج، حيث أدت عمليات الإغلاق إلى خفض الإنتاج اليومي بنحو 675 ألف برميل من النفط، و907 ملايين قدم مكعبة من الغاز الطبيعي.
وقال المسؤولون الفيدراليون إن إجمالي كمية النفط المتوقفة تمثل ما يقرب من ربع إنتاج النفط الخام في خليج المكسيك. بالإضافة إلى ذلك، قد تقع ثماني مصافٍ في مسار الإعصار، وهذا من شأنه أن يرفع أسعار النفط. - الانتخابات الأمريكية
أيًا كان الطرف الذي سيفوز في الانتخابات، سيؤدي ذلك لانخفاض أسعار النفط. فمثلا، ترامب يؤيد للوقود الأحفوري ولكنه قال إنه سيعبر عن هذا الدعم من خلال فتح الأراضي للتنقيب، وبالتالي من المحتمل أن يزيد ذلك من الإمدادات الأمريكية. وسنذكر تأثير فوز هاريس في عوامل الطلب. - التوترات الجيوسساسية
سوق النفط هو الأكثر تأثرا بالتوترات الجيوسياسية. فغالباً ما تسبب هذه التوترات اضطرابات في الإمدادات، مما يؤدي إلى ارتفاع حاد في الأسعار، حيث ذكر البنك المركزي الأوروبي أن غزو روسيا لأوكرانيا في فبراير 2022 أدى إلى ارتفاع أسعار خام برنت بنسبة تقارب 30% خلال الأسبوعين الأولين، إلا أنها عادت إلى مستويات ما قبل الغزو بعد نحو ثمانية أسابيع. وبالمثل، ارتفعت أسعار خام برنت بنحو 4% بعد اندلاع الصراع في غزة في 7 أكتوبر 2023 قبل أن تستقر بعد ذلك.
هذا بالإضافة إلى هجمات الحوثيين، حيث أنه ما يقرب من 60% من إجمالي الحوادث شملت سفن الحاويات مما جعلها تمتنع عن الإبحار في البحر الأحمر منذ يناير 2024.
عوامل الطلب المؤثرة على أسعار النفط
إن انخفاض أسعار النفط في الشهور الستة الماضية لا تتعلق بجانب العرض فقط، بل تتعلق أيضا بالطلب، وأهم تلك العوامل ما يلي: - عدم خفض الفائدة
يرفض بنك الاحتياطي الفيدرالي حتى الآن خفض أسعار الفائدة، وذلك على الرغم من بعض الأدلة على ضعف البيانات الاقتصادية الرئيسية مثل التوظيف والإنفاق الاستهلاكي.
وعندما تكون وتيرة النمو الاقتصادي قوية يتزايد معدل الطلب على النفط وبالتالي تتراجع مخزونات النفط الأمريكية، في حين أن تراجع معدل النمو يؤدي إلى ضعف الطلب وارتفاع مخزونات النفط بما يؤثر سلبا على أسعار النفط في العالم. - الانتخابات الأمريكية
كانت هاريس، في الماضي، من مؤيدي الطاقة الخضراء ورغم أنها قالت مؤخرًا إنها لا تدعم الآن حظر التكسير الهيدروليكي، فإن السياسات التي تفضل البدائل وتثبط استخدام النفط تبدو محتملة في حال فوزها.
وبعبارة أخرى، فإن فوز الجمهوريين يعني المزيد من العرض، وفوز الديمقراطيين يعني انخفاض الطلب. ولا يدعم أي منهما أسعار النفط. - انكماش اقتصاد الصين
تعتبر الصين من أكبر المستهلكين للنفط حول العالم، لذا فإن انكماش الاقتصاد الصيني في العام الماضي للمرة الأولى منذ فترة طويلة سيكون له آثار سلبية على أسعار النفط. ووعلى الرغم من حدوث بعض التعافي من ذلك، إلا أن النمو في عام 2024 سيكون أبطأ مما توقعه معظم الناس.
أظهرت البيانات أيضا تباطئ الإنتاج الصناعي على وجه الخصوص، وهو أمر سيئ بالنسبة لاستهلاك النفط، علاوة على أن الصين حاليا تعتبر من البلاد الرائدة في إنتاج السيارات الكهربائية والتي ستعمل أيضًا على تقليل الطلب. وقد قلصت أوبك توقعاتها لنمو الطلب الصيني إلى 650 ألف برميل يوميا في 2024 من 700 ألف برميل يوميا.
كيف تتداول في ظل تقلبات أسعار النفط؟
إن تقلبات أسعار النفط تفرض تحديات كبيرة على المستثمرين، مما يستدعي اتباع استراتيجيات فعالة للتخفيف من المخاطر. ومن أهم هذه الاستراتيجيات تنويع المحفظة الاستثمارية، حيث يسهم توزيع الاستثمارات على فئات الأصول والقطاعات والمناطق الجغرافية المختلفة في تقليل التعرض لمخاطر تقلبات الأسعار.
توقعات أسعار النفط
إن احتمالية قرار خفض سعر الفائدة الفيدرالي سيرفع الطلب العالمي على النفط مما قد يحسن أسعار النفط، وذكرت الوكالة في توقعاتها قصيرة الأجل للطاقة أن اتساع العجز في الإمدادات سيزيد من سحب النفط من المخزونات العالمية، مما يدفع أسعار خام برنت للعودة إلى أكثر من 80 دولارا للبرميل في سوق المعاملات الفورية هذا الشهر.
ورغم ذلك أدى انخفاض النفط الخام إلى تجدد التوقعات السلبية من مراقبي النفط، حيث توقع بنك “سيتي غروب”، ومجموعة “ترافيغورا” تراجع خام برنت إلى نطاق 60 دولاراً للبرميل. وقال ماكس لايتون، رئيس أبحاث السلع في “سيتي غروب”، إن تراجع أسعار النفط في الآونة الأخيرة يعني عدم وجود حاجة إلى إمدادات إضافية من أوبك+. وللاستفادة من تقلبات أسعار النفط، قم بالتداول الآن مع أكسيا.