الانتخابات الأمريكية والأسهم.. هل هناك علاقة؟
تترقب الأسواق حاليا بدء الانتخابات الرئاسية والتشريعية الأمريكية في نوفمبر المقبل، وعلى الرغم من أن الأمر يبدو وكأنه حدث سياسي بحت، إلا أن له تأثير قوي على أداء سوق المال الأمريكي والأسواق العالمية. وخلال السطور التالية نلقي نظرة على أهم السيناريوهات والآثار المتوقعة لفوز أي من الطرفين المتنافسين – الجمهوريون والديموقراطيون- على أسواق الأسهم وأداء الدولار الأمريكي.
الآثار المتوقعة للانتخابات الأمريكية سوق الأسهم
هناك جدل كبير يدور بين خبراء أسواق المال حول ما إذا كانت أسواق المال تتأثر بنتيجة الانتخابات الأمريكية الرئاسية والتشريعية في أمريكا أم أن أثرها يكون محدودا على السوق، يمكن أن نجمل الحديث عن هذا الأمر في النقاط التالية:
• هل تثبت البيانات التاريخية أن السوق يتأثر بنتائج الانتخابات الأمريكية؟
بحسب ما تكشف عنه البيانات التاريخية للسوق، فإن مؤشر S&P500 (الذي يعبر عن أداء السوق الأمريكي) لم يبد أي انحياز إيجابي إيجابي أو سلبي لأي من طرف الانتخابات الأمريكية (الحزب الديموقراطي أو الحزب الجمهوري). بالطبع هذا لا يعني أن السياسات الاقتصادية لكل منهم متشابهة، ولكن الأمر يتمثل في أن النتيجة النهائية لكلا السياسات تكون إيجابية بالنسبة لأداء السوق ككل، ففي حين تتراجع بعض القطاعات تصعد قطاعات أخرى.
ويمكن رؤية ذلك بشكل واضح من خلال متابعة أداء مؤشر S&P 500 في شاشة أسعار أكسيا.
• كيف يستجيب السوق لحالة عدم اليقين السياسي؟
كما هو معلوم، فإن مستثمري الأسهم يفضلون حالة الاستقرار سواء على الصعيد السياسي أو الاقتصادي، إذ أن أي حالة من عدم الاستقرار تدفع المستثمرين للخوف على أموالهم مما يدفعهم لتوجيه استثماراتهم من أصول المخاطرة مثل الأسهم إلى أصول الملاذ الآمن مثل الذهب وسندات الخزانة الأمريكية. وبعد محاولة الاغتيال الفاشلة التي مر بها ترامب، فإن حالة عدم الاستقرار السياسي قد تزيد مع الاقتراب من موعد الانتخابات الأمريكية.
وتثبت البيانات التاريخية أن مؤشر S&P يحقق عائدات جيدة حين يتم اختيار نفس الرئيس أو على الأقل حين يكون الرئيس الفائز من نفس الحزب الحائز على أغلبية الكونجرس، لأن ذلك يعني أنه لن يكون هناك تضارب بين سياسات الكونجرس والرئيس مما يخفف من مخاوف حدوث عدم استقرار وبالتالي يجعل التنبؤ بأداء الأسهم أكثر صعوبة.
وقد رأينا مثالا على هذا الأمر في زمة سقف الدين الأمريكي، حيث شهدت العلاقة بين الكونجرس الأمريكي والرئيس بايدن حالة من التوتر الكبيرة بسبب الحاجة المتتالية لرفع سقف الدين الحكومي الأمريكي، وهو الأمر الذي كان أن يتسبب في حالة إفلاس لدى الحكومة الأمريكية لعدة مرات، وهو ما كان ينعكس بأثر سلبي على أداء سوق الأسهم الأمريكي.
• نظرة على أهم القطاعات التي تتأثر بالانتخابات الأمريكية
هناك ثلاث قطاعات أساسية تتأثر بالانتخابات وهي؛ الرعاية الصحية والتكنولوجيا والطاقة.
- الرعاية الصحة
معروف أن الحزب الجمهوري يميل للسياسات الكلاسيكية والتي تنطوي على تشديد أو خفض مستوى الإنفاق الحكومي وإتاحة الفرصة بشكل أكبر للقطاع الخاص، وفي هذه الانتخابات يمثل الحزب الجمهوري المرشح “دونالد ترامب”.
أما الحزب الديمقراطي فهو معروف بأنه يدعم تدخل الحكومة بالدعم في بعض القطاعات وعلى رأسها القطاع الصحي، وفي هذه الانتخابات يمثل الحزب الديمقراطي الرئيس الحالي “جو بايدن”.
وبالتالي ففي حالة فوز الحزب الجمهوري يكون ذلك عامل سلبي لقطاع الرعاية الصحية في حين أن فوز الحزب الديمقراطي يكون داعما لقطاع الرعاية الصحية ويوفر فرص كبيرة لنمو شركاته.
- التكنولوجيا
قطاع التكنولوجيا يعتبر من أهم القطاعات التي تتأثر بشكل كبير بنتائج الانتخابات وتوجهات الرئيس الفائز والكونجرس، فقطاع التكنولوجيا من القطاعات التي تحتاج بشكل دائم إلى أسواق كبيرة للتوسع فيها وأيضا تعتمد كثيرا على مدخلات مستوردة مثل أشباه الموصلات والتي تأتي بشكل رئيسي من تايوان.
ونظرا لهذا، فإن فوز مرشح الحزب الديمقراطي “بايدن” سيكون إيجابيا للقطاع، إذ أن بايدن يميل لتبني سياسات أقل حدة وعنفا تجاه الصين -التي تعتبر المنافس الأول لأمريكا في هذه الصناعة- وبالتالي يتيح للشركات الأمريكية الوصول إلى أسواق الصين وآسيا وأيضا الوصول إلى مدخلات الصناعة من أشباه الموصلات.
أما فوز “دونالد ترامب” فإنه سيكون له أثر سلبي على العلاقة بين أمريكا والصين، حيث يميل ترامب لتبني سياسات أكثر حدة وأكثر عدائية تجاه الصين، مما قد يتسبب في حظر الصين استيراد التكنولوجيا الأمريكية وقد يتطور الأمر إلى أن تقوم الصين بغزو تايوان لمنع أمريكا من الوصول إلى ذلك المصدر الرئيسي لأشباه الموصلات. وبالتالي سيكون ذلك سلبيا جدا على قطاع التكنولوجيا.
- الطاقة
قطاع الطاقة من القطاعات التي تتأثر أيضا بشكل كبير بنتائج الانتخابات، والسبب في ذلك أن مرشحي الحزب الديمقراطي يميل عادة إلى ما يسمى بالسياسات الخضراء وحماية البيئة، وخاصة في ظل التغيرات المناخية غير المسبوقة التي يشهدها العالم والتي تعاني منها أمريكا نفسها وتتسبب في حدوث أعاصير متتالية في مناطق متفرقة منها. وبالتالي تميل سياسات رؤساء الحزب الديمقراطي – مثل بايدن – إلى تحجيم أنشطة شركات الطاقة الكربونية مثل النفط والغاز.
والعكس صحيح فيما يتعلق برؤساء الحزب الجمهوري – مثل ترامب- حيث تميل سياساتهم إلى فتح المجال أمام شركات الطاقة وهو ما يكون إيجابيا بالنسبة لأداء شركات الطاقة.
ولكن من المهم أيضا الإشارة إلى أن شركات الطاقة النظيفة ستستفيد من سياسات الحزب الديمقراطي، إذ أن تحجيم نشاط شركات النفط والغاز سيعود بشكل إيجابي على مستوى الطلب على الطاقة النظيفة.
• استراتيجيات ينصح بها في فترة الانتخابات الأمريكية
الاستراتيجية والأهم والتي لا غنى هنا هي استراتيجية توزيع الاستثمارات في الأصول المختلفة، وفي ظل فترة مثل فترات الانتخابات التي تتسم بعدم اليقين عموما، فإن تطبيق هذه الاستراتيجية يكون أمر بالغ الأهمية.
ولكن بجانب ذلك، فإن الدراسات قد أشارت إلى أن مؤشر S&P 500 يميل لتسجل نمو بنسبة 8.7% خلال العام الذي تُجرى في الانتخابات في حين أن الأعوام الأخرى يكون متوسط النمو فيه بنحو 7.7% وهو ما يشير إلى أنه قد يكون من المفيد اتباع استراتيجية البيع على المكشوف، ولكن هذا الأمر يحتاج إلى دراية وخبرة كبيرة، يمكن اكتسابها من خلال التعلم من خبراء أكسيا.
الآثار المتوقعة للانتخابات على أداء الدولار الأمريكي
سيكون لفوز أي من المرشحين “جو بايدن” و “دونالد ترامب” أثرا قويا على أداء الدولار الأمريكي، ففي حال فوز “جو بايدن” سيستفيد الدولار من التوقعات بأن تشهد العلاقات بين أمريكا والصين حالة استقرار نوعا ما، مما قد يخفف من القيود التجارية بين الجانبين وبالتالي يعزز فرص النمو للاقتصاد الأمريكي وخاصة بعد فترة طويلة من أسعار الفائدة المرتفعة.
أما فوز “ترامب” فإنه قد يحمل معه تزايد في حدة التوترات بين بكين وواشنطن خاصة وأن ذلك قد حدث بالفعل خلال فترة رئاسته السابقة، ومن ثم فإن ذلك قد يتسبب في وضع عقبات جديدة امام التجارة الدولية بين واشنطن وبكين والدول الأخرى مما ينعكس بالسلب على الدولار الأمريكي.
هل تتأثر سياسة الفيدرالي بفوز أحد المرشحين؟
يعتبر الفيدرالي الأمريكي مؤسسة مستقلة عن الحكومة، ودائما ما يحاول الفيدرالي الأمريكي التأكيد على هذا الأمر، وقد صنع الفيدرالي هذا الأمر بالفعل حين أكد “جيروم بأول” على أن الفيدرالي منوط بتحقيق مستهدفات التضخم من خلال سياسته النقدية وأنه غير معني بالمجريات السياسية. وربما كان هذا هو الدافع لأن قام الفيدرالي بالإشارة إلى أنه قد يبدأ في حفض الفائدة في اجتماع 18 سبتمبر المقبل، أي بعد إجراء الانتخابات، مما يعزز ثقة المستثمرين في حيادية قرار الفيدرالي.
استراتيجيات ملائمة لمتداولي الفوركس
كما ذكرنا فإن هذه الفترة تتسم بحالة كبيرة من عدم اليقين وبالتالي تنطوي على إمكانية حدوث تقلبات كبيرة في أداء الدولار الأمريكي. وإلى جانب ذلك فإن الإشارات المتتالية من الفيدرالي بشأن خفض الفائدة في سبتمبر ستزيد من الضغوط على الدولار الأمريكي، وبالتالي فإنه من الأفضل عدم الدخول في صفقات كبيرة على الدولار الأمريكي خلال تلك الفترة والاتجاه لعملات الملاذ الآمن بشكل أكبر مثل الين والفرنك السويسري. وجميع تلك العملات يمكن التداول عليها مع أكسيا. قم بالتسجيل الآن.