ما الذي يخطط له البنك المركزي التركي بدعمه لانهيار الليرة التركية؟
تعتبر الليرة التركية الجديدة (TRY) عملة نادرة في سوق الفوركس وسوق تداول عقود الفروقات. وتعد تركيا الاقتصاد السادس عشر في العالم، هذا وتعاني تركيا من عجز تجاري قدره 38.82 مليار دولار، وفقًا لمنظمة التجارة العالمية وتكمن صادرات تركيا في الملابس والمواد الغذائية والمنسوجات والمصنوعات المعدنية ومعدات النقل، تصدر تركيا 102.1 مليار دولار من البضائع والبضائع مقارنة بـ 32.8 مليار دولار فقط في الخدمات التجارية. وأن الوجهات الأولى للصادرات من تركيا: الاتحاد الأوروبي، والعراق، وسويسرا، والولايات المتحدة، والاتحاد الروسي.
يمتلك البنك المركزي التركي احتياطيًا من العملات الأجنبية يبلغ 79,042 مليون دولار أمريكي وودائع ذهبية بقيمة 5,258 مليون دولار أمريكي. والهدف الأساسي للبنك المركزي لجمهورية تركيا هو تحقيق استقرار الأسعار والمحافظة عليها، ولكن ما الذي يسعى له البنك المركزي التركي في الآونة الأخيرة حيث تضاربت نتائج البيانات الاقتصادية التركية منذ نهاية شهر أغسطس الماضي بين أخبار إيجابية وأخرى سلبية لنلقي نظره على هذه الأخبار المتضاربة حتى نستطيع تحويلها الى فرص استثمارية في سوق تداول عقود الفروقات.
سلبيًا: ارتفاع التضخم لأعلى مستويات واكتساء الليرة التركية بالأحمر ويؤثر على استثمار الليرة التركية في تداول عقود الفروقات
فقد وصل التضخم في تركيا الى 80.2% وهو أعلى مستوى له منذ 25 عامًا بحسب البيانات المعلنة من خلال مؤشر أسعار المستهلكين حيث يقيس هذا المؤشر معدل التضخم من وجهة نظر المستهلكين عندما يشترون السلع والخدمات.
وبما أن الهدف الأساسي الذي يسعى إليه البنك المركزي هو تحقيق استقرار الأسعار؛ وبالتالي عندما يريد البنك المركزي محاربه التضخم المالي، فإن رد فعل البنك يكون هو رفع سعر الفائدة لمساعدة الأسعار على الانخفاض. وتجذب أسعار الفائدة المرتفعة الاستثمار الأجنبي، وبالتالي يزيد الطلب على عملة البلاد، كما يزيد الاستثمار في تداول عقود الفروقات. اطلع على هذا المقال كيف تستخدم استراتيجية تداول سعر الفائدة بفعالية؟ – AXIA Investments.
ولكن على العكس تمامًا قرر البنك المركزي التركي خفض سعر الفائدة بشكل غير متوقع في شهر أغسطس على الرغم من التضخم الكبير الذي يسيطر على بلاد الأناضول. وقام البنك المركزي بتكرار خفض الفائدة مرة أخرى في شهر سبتمبر وهذا يضعنا في حيره حقيقية لماذا يقوم بذلك؟ مسببًا تدهور الليرة التركية مع استمرار تراجع قيمتها إلى مستويات غير مسبوقة أمام الدولار الأمريكي، وتشكل فرص استثمارية كبيرة في تداول عقود الفروقات للمستثمرين المهتمين بالاستثمار في الليرة التركية. وأيضًا مما يعزز هذا التدهور المديونية الخارجية وتبعات تدخل الرئيس اردوغان في السياسات النقدية وهروب رؤوس الأموال. كان البنك قد أبقى سعر الفائدة عند 14 % خلال الأشهر السبعة الماضية. وذلك بعد أن خفضها بمقدار 500 نقطة أساس في نهاية العام الماضي. في سلسلة من التخفيضات التي أدت إلى أزمة عملة تاريخية ودفعت التضخم إلى أعلى مستوياته في 24 عامًا.
تاريخيًا شهدت الليرة التركية فترات تضخم أوصلت سعرها إلى الحضيض مقابل الدولار الأمريكي في تسعينات القرن الماضي. ومع النمو الاقتصادي الكبير الذي شهدته تركيا منذ بداية الألفية الحالية بدأت الجيل الجديد لليرة قوية ومستقرة. غير أن تبعات أزمة كورونا والحرب في أوكرانيا أدت إلى تدهور قيمتها بشكل متسارع.
ثانيا: الاقتصاد التركي ينمو مسببًا اكتساء الليرة التركية بالأخضر ويؤثر على استثمار الليرة التركية في تداول عقود الفروقات
وبالرغم من التضخم الذي تعاني منه الليرة التركية، الا أن مؤشر النمو الاقتصادي (الناتج الإجمالي المحلي) شهد نتائج ايجابية بواقع 7.5% حيث ان النمو الاقتصادي هو زيادة نصيب الفرد من الدخل. بمعنى آخر، يجب أن يكون الفرد قد زاد دخله المالي مقارنة بالعام السابق. وبحسب البيانات، نما الاقتصاد التركي بنسبة 7.6٪ في الفترة من أبريل إلى يونيو مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق. وقد حدث ذلك بمعدل تضخم قياسي بلغ 80٪ وتكلفة إنتاج قياسية بلغت 144٪.
وكما وقد وصلت حصيلة احتياطي البنك المركزي التركي من الدولارات الأمريكية إلى مستوى قياسي نتيجة لجوء شركات استيراد الغاز الطبيعي في تركيا إلى المؤسسات المالية المحلية للحصول على احتياجاتها من النقد الأجنبي
فقد تمكن البنك المركزي التركي من تعزيز احتياطات الدولار في خزائنه ورفعها لمستويات قياسية نتيجة عمليات تبادل العملة في الأسواق الفورية الخارجية التي قام بها مستوردو الغاز الوطني من المؤسسات المالية المحلية بحسب ما كشف عنه موقع بلومبيرج.
كما انخفض معدل البطالة في تركيا إلى 10.1% في حين استقرت البطالة المقنعة المعدلة موسميًا عند 22.5 بالمئة.
وكانت البطالة المقنعة تنخفض في أغلب أوقات العام الماضي بعد أن بلغت ذروتها عند مستوى 29.6 بالمئة في يناير كانون الثاني 2021 تحت تأثير إجراءات مكافحة جائحة كوفيد-19.
ومن الإجراءات التي اتخذتها الحكومة التركية مؤخرًا والتي أيضًا اثرت على الليرة التركية وعلى استثمارات تداول عقود الفروقات رفع أسعار الغاز والكهرباء، وبدأ تطبيق السياسة الاقتصادية الجديدة المسماة “نموذج لاقتصاد التركي” اعتبارًا من سبتمبر.
كما وسيتم دعم الاستثمارات من خلال الحفاظ على أسعار الفائدة عند مستويات منخفضة ومع زيادة الاستثمارات، سيتم توفير فرص العمل مع زيادة الحاجة إلى الموظفين أيضًا. كما أن الحكومة سوف تزيد الصادرات مع دعم قطاع التصدير. وبالتالي، سيتم تحقيق فائض بالحساب الجاري، وبالطبع سيتم تحقيق النمو.
هذا يتركنا في حيرة من أمرنا ويجعلنا نتساءل الليرة التركية الى اين؟! وما الذي سيتغلب على ادائها في النهاية؟ هل سيعيد اردوغان سيناريو نهاية 2021 عندما ترك الليرة التركية تنهار لأدنى مستوى وفي خطاب مفاجئ شجع فيه الاتراك على التعامل بالليرة بضمان أن يدفع فارق الفائدة ما بين الليرة والدولار وادى هذا التعهد الى ارتفاع الليرة التركية نتج عنها أرباح خيالية للمستثمرين في تداول عقود الفروقات. نحن في انتظار مفاجأة اردوغان لنا.