أسعار الذهب بين ضغوط الفيدرالي ودعم مخاوف الأسواق، هل تصعد مجددًا؟
استطاعت أسعار الذهب في نهاية الأسبوع الماضي أن تحقق ارتفاعًا ملحوظًا لتخفف بذلك من خسائرها التي شهدتها خلال الفترة الماضية لعدة أيام متتالية، وقد تزامن ذلك الصعود في أسعار الذهب مع تراجع في عائدات سندات الخزانة الأمريكية وظهور مخاوف جديدة من فيروس جدري القرود وآثاره المحتملة على تقييد النشاط الاقتصادي.
الذهب يصعد أكثر من 1% خلال يوم واحد
أسعار الذهب خلال نهاية الأسبوع الماضي وتحديدًا يوم الخميس استطاعت أن تحقق ارتفاعًا قويًا، فقد سجلت أسعار الذهب صعودًا بنسبة 1.37%، ثم تبع ذلك الصعود القوي صعودًا آخرًا خلال يوم الجمعة لتستقر أسعار الذهب عند مستويات 1,845 دولار للأوقية.
وقد تزامن ذلك الصعود القوي في أسعار الذهب مع تراجع ملحوظ في تحركات مؤشر الدولار الأمريكي DXY فقد سجل المؤشر تراجعًا خلال يوم الخميس بنسبة 1% ليستقر عند مستويات 102.868 بنهاية تداولات الخميس ثم ليصعد بشكل طفيف خلال يوم الجمعة بنسبة 0.15% ويستقر عند 103.025 نقطة.
وكان تراجع عائدات سندات الخزانة الأمريكية خلال الفترة الماضية أحد أهم الأسباب في صعود أسعار الذهب، حيث تراجعت عائدات سندات الخزانة إلى مستويات 2.788% وهو الأمر الذي أثار مخاوف المستثمرين تجاه احتمالية دخول الاقتصاد الأمريكي في حالة ركود، وبالتالي التجأوا إلى الملاذ الآمن.
البيانات الأمريكية تدعم أسعار الذهب
تظهر البيانات الاقتصادية الأمريكية حالة من الانكماش في العديد من القطاعات، وهو الأمر الذي يدعم أيضًا مخاوف الركود التضخمي، وهي الحالة التي يتواجد فيها تراجع في معدلات الطلب الكلي وفي نفس الوقت تكون الأسعار المرتفعة بسبب اختلالات في العرض.
- مؤشر مبيعات المنازل الكائنة
يعتبر أداء هذا المؤشر من البيانات التي تعكس أداء القطاع العقاري الأمريكي، وقد سجل المؤشر انكماش في حجم مبيعات المنازل الكائنة خلال أبريل، حيث أشارت القراءة إلى أن عدد المنازل المبيعة قد تراجع إلى 5.61 مليون منزل وذلك مقابل توقعات بأن تكون القراءة عند 5.65 مليون كما أنها أقل حجم المبيعات المسجل في مارس والذي كان عند 5.75 مليون منزل.
- طلبات إعانات البطالة الأسبوعية
سجلت طلبات إعانات البطالة الأمريكية ارتفاعًا للأسبوع الثالث على التوالي، حيث ارتفعت طلبات إعانات البطالة الأمريكية إلى 218 ألف طلب، وذلك مقابل توقعات بأن تكون عند 200 ألف طلب فقط ومقابل أيضًا بيانات الأسبوع الأسبق التي سجلت فيها 197 ألف طلب فقط.
- مؤشر فيلاديلفيا التصنيعي
سجل مؤشر فيلاديلفيا التصنيعي أيضًا انكماشًا في قراءته الأخيرة عن الشهر الجاري، فقد سجل المؤشر أدنى مستوى له منذ 2019، حيث جاءت قراءة المؤشر عند 2.6 نقطة مقابل توقعات بأن يسجل 14.9 نقطة، وتلك القراءة تعني أن المؤشر يقترب جدًا من المنطقة السالبة والتي تعني انكماشًا في الإنتاج.
هذا، وقد كانت تلك القراءات السلبية للمؤشرات أحد الأسباب الهامة التي دفعت أسعار الذهب للارتفاع مخافة أن تضغط تلك المؤشرات الانكماشية على قرارات الفيدرالي الأمريكي مما يجبره على التراجع في وتيرة رفع أسعار الفائدة من ثم هبوط الدولار الأمريكي.
جدري القرود يدعم أسعار الذهب
استفادت أسعار الذهب كذلك من مخاوف انتشار فيروس جدري القرود الذي حذرت منه منظمة الصحة العالمية مؤخرًا، حيث سجلت بعض الدول حالات إصابة مؤكدة بهذا الفيروس ومنها؛ بريطانيا وكندا، والولايات المتحدة، وإسبانيا، وبلجيكا. وعلى الرغم من أن منظمة الصحة قد أوضحت ان التطعيم المضاد للجدري يقي من الإصابة بهذا الفيروس، إلا أنها أوضحت أيضًا أنه ليس له علاج معروف حتى الآن إذا أصيب به الشخص، مما أثار المخاوف من أثره المحتمل على الاقتصاد العالمي إذا انتشر مثل كورونا.
البورصة الأمريكية تدعم أسعار الذهب
لا يزال الاتجاه الهابط هو سيد المشهد المسيطر على أداء مؤشرات سوق المال الأمريكي، فقد سجل مؤشر ناسداك الأمريكي هبوطًا للأسبوع السابع على التوالي ليهبط إلى مستويات 11,835.62 نقطة، فيم سجل مؤشر S&P 500 هبوطه الأسبوعي السابع أيضًا، ليستقر عند مستويات 3,905.1 نقطة. وسجل مؤشر داو جونز ثامن خسارة أسبوعية على التوالي ليهبط إلى مستويات 31,261.91 نقطة.
وبالتالي فإننا نستطيع أن نقول الآن أن البورصة الأمريكية قد سجلت خسارة منذ بداية يناير 2022 بنحو 4,559.89 نقطة وهو ما يعني أن سوق المال الأمريكي اليوم قد خسر تقريبًا كافة الأرباح التي استطاع أن يسجلها خلال 2021، وبالتالي فإن ذلك يعطي إشارة سلبية عن وضع سوق الأسهم الأمريكي مما ينذر بحالة ركود وبالتالي تكون أسعار الذهب هي حصان الرهان القادم.
تطورات جيوسياسية تدعم أسعار الذهب
خلال الأسبوع الماضي أعلنت كل من السويد وفنلندا بشكل رسمي التقدم بطلب انضمام إلى حلف شمال الأطلسي “الناتو” تبعه موافقة وترحيب من الولايات المتحدة الأمريكية وباقي الأعضاء باستثناء تركيا. وقد أثار ذلك غضب الدب الروسي مما دفع المسؤولين الروس للتصريح بأن تلك الخطوة ستوسع دائرة الصراع العسكري والذي ربما يدخل في نطاق الأسلحة النووية.
كما قررت روسيا أن تحرم فنلندا من الغاز الروسي وهي أولى خطوات الرد على انضمامها للناتو، وقد ساعدت تلك الأحداث أسعار الذهب على الاحتفاظ بالاتجاه الصاعد في نهاية الأسبوع.
توقعات أسعار الذهب
تستقر أسعار الذهب حاليًا عند مستويات 1,845.60 دولار، ولاتزال هناك حالة من عدم اليقين تجاه أسعار الذهب خلال الفترة الحالية، فالذهب الآن يتحرك بين ضغوط رفع أسعار الفائدة الفيدرالية ودعم التخوفات الاقتصادية والجيوسياسية، وبالتالي فإذا أجبرت تلك المخاوف الفيدرالي الأمريكي على تهدئة وتيرة رفع أسعار الفائدة، فإن ذلك سيعني انتصارًا قويًا لأسعار الذهب وبالتالي قد نشهد في تلك الحالة عودة أسعار الذهب لمستويات 2070 دولار من جديد.