حركة زوج الدولار ليرة 2022
شهد زوج الدولار ليرة USDTRY تقلبات حادة خلال نهاية عام 2021، ففيما بين نوفمبر وديسمبر شهدنا ارتفاع تاريخي لزوج الدولار ليرة ثم هبوط حاد في الزوج ليخسر كامل الارتفاع الذي حققه. خلال السطور القادمة نلقي نظرة على أداء الدولار ليرة وتوقعات اتجاهه خلال الفترة المقبلة.
الدولار ليرة وتقلبات حادة في نهاية 2021
شهد زوج الدولار ليرة صعودًا تاريخيًا فيما بين 18 نوفمبر الماضي وحتى 20 ديسمبر، فقد استطاع الزوج أن يصعد خلال تلك الفترة من مستويات 10.60 ليصل إلى 16.40 مسجلًا بذلك صعودًا بنسبة 54.7%. وقد جائت تلك الحركة العنيفة كردة فعل تجاه السياسة النقدية التركية غير الشفافة، حيث أقدم رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان على تغييرمحافظ المركزي التركي لثلاثة مرات في وقت وجيز مما أرسل إشارة لحالة من التخبط في السياسية النقدية.
ولم يكن ذلك هو السبب فحسب، فقد امتدت تدخلات الحكومة التركية في صنع السياسة النقدية لأبعد من ذلك، فقد نفذ المركزي التركي رؤية الحكومة بتخفيض أسعار الفائدة على الرغم من ارتفاع معدلات التضخم وفي توقيت كانت البنوك المركزية جميعها على مستوى العالم تتأهب لبداية الفيدرالي الأمريكي لتشديد السياسة النقدية ورفع مستويات الفائدة.
قام المركزي التركي بخفض مستويات الفائدة من 19% إلى 14% في حين كان معدل التضخم حينها عند 19.8%. وبعد أن صعد زوج الدولار ليرة إلى تلك المستويات التاريخية؛ قامت الحكومة التركية بالإعلان عن برنامج لتعويض المودعين في البنوك التركية بالعملة المحلية عن فرق الانخفاض في سعر الصرف، كما قامت بفتح تسهيلات للمصدرين وخفض الضريبة على السندات الحكومية بالليرة، مما كان من شأنه أن يدعم الليرة التركية ليشهد زوج الدولار ليرة تراجعًا قويًا حتى استقر عند مستويات 10.8 في 27 ديسمبر.
الدولار ليرة والحرب الروسية الأوكرانية
بعد أن بدأت روسيا الغزو على أوكرانيا وبدأت الدول الغربية في فرض العقوبات على الصادرات الروسية إضافة إلى تعطيل الصادرات الزراعية الأوكرانية، بدأت الضغوط تزداد على الاقتصاد التركي، حيث تعتبر تركيا من أكثر الدول انكشافًا على الاقتصاد الروسي بما يعني أنها تستورد الكثير من المواد الخام وعلى رأسها النفط من روسيا كما تستورد القمح والحبوب بكثافة من روسيا وأوكرانيا.
وبالتأكيد كان لارتفاع أسعار الطاقة العالمية وأسعار الحبوب الغذائة دورها في الضغط على الاقتصاد التركي ومن ثم على أداء الليرة التركية ومن ثم دعم الدولار ليرة، وإضافة إلى ذلك فإن أزمة سلاسل الإمداد لاتزال تمارس ضغوطًا قوية على الاقتصاد العالمي ككل.
وقد تزامن ذلك مع اتجاه الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي للتخلي عن السياسة النقدية التوسعية والاتجاه إلى رفع أسعار الفائدة بشكل عنيف بداية من مارس الماضي حين قرر رفع الفائدة بقيمة 25 نقطة ثم تبعها بنسبة 0.50% في الاجتماع الأخير. وعلى الرغم من استمرار تلك السياسة النقدية التشيدية من جانب الفيدرالي الأمريكي وتأكيد أعضاء لجنة السياسة النقدية على المضي قدمًا فيها، إلا أن المركزي التركي لايزال متمسكًا بتثبيت الفائدة عند مستويات 14% رغم صعود التضخم إلى مستوى قياسي عند 69.9% خلال أبريل الماضي.
الأداء الحالي للدولار ليرة
يُتداول زوج الدولار ليرة حاليًا حول مستويات 15.9 ليرة، ومن الملاحظ أن الزوج منذ بداية عام 2022 وهو يتحرك في قناة سعرية صاعدة ابتدأت من مستويات 12.6 وتستمر حتى الآن. وبالنظر إلى المؤشرات الاقتصادية التركية الصادرة مؤخرًا نجد الآتي:
- تواصل تراجع مؤشر ثقة المستهلك التركي خلال الشهور الماضية حتى تراجع إلى أدنى مستوياته تاريخيًا ليهبط إلى 67.3 في أبريل الماضي.
- استمر تراجع الاحتياطي النقدي الأجنبي التركي حتى هبط إلى 66 مليار دولار.
- استقر مؤشر ثقة الأعمال عند 109.7 نقطة في أبريل مرتفعًا بنحو 1.2 نقطة مقارنة بالشهر الأسبق.
- سجلت القراءة السابقة لمعدل النمو في الناتج المحلي الإجمالي نموًا بنسبة 9.1% سنويًا خلال الربع الأخير من 2021.
- اتسع حجم العجز في الميزان التجاري التركي ليسجل عجزًا بقيمة 8.17 مليار دولار خلال مارس مقابل 4.67 فقط خلال نفس الشهر من العام 2021.
توقعات زوج الدولار ليرة
من واقع البيانات الاقتصادية التركية واستمرار إصرار المركزي التركي على تثبيت أسعار الفائدة عند 14% على الرغم من ارتفاع معدلات التضخم والنمو، فإن تلك المؤشرات تصب بقوة في صالح الدولار ليرة وخاصة وفي ظل مضي الفيدرالي الأمريكي قدمًا في طريق التشديد النقدي والذي قد تصل وتيرته لرفع أسعار الفائدة بحجم 0.75% دفعة واحدة لمرات متلاحقة.
وبناء على ذلك، فإنه على الرغم من محاولات المركزي التركي لدعم الليرة إلا أن المؤشرات تصب في تجاه المزيد من ضعف الليرة التركية وخاصة مع انخفاض الفائدة الفعلية إلى نحو (-56%)، وبالتالي فإننا من المرجح أن نشهد مزيدًا من الارتفاع في زوج الدولار ليرة خلال الفترة المقبلة.