توقعات حركة زوج الدولار روبل

العقوبات الغربية على روسيا وأثرها على الروبل

ارتفع زوج الدولار روبل بقوة على خلفية العقوبات الأمريكية والأوروبية على روسيا عقب بدء روسيا غزوها للأراضي الأوكرانية. فمنذ 21 فبراير وحتى 9 مارس 2022 خسر الروبل الروسي نحو 61% من قيمته أمام الدولار الأمريكي ليرتفع زوج الدولار روبل من مستويات 77 روبل ليصل إلى 120 روبل.

وقد شملت العقوبات الأمريكية والأوروبية على روسيا استبعاد عدد كبير من المؤسسات المالية الروسية من نظام سويفت الدولي وكذلك اتجاه الولايات المتحدة لفرض حظر شامل على واردات الطاقة الروسية كما قرر كل من بريطانيا والاتحاد الأوروبي استبدال وارداتها من النفط والغاز الروسي بشكل تدريجي والبحث عن مصادر بديلة.

كما احتوت تلك العقوبات الغربية على روسيا تجميد أصول البنوك الروسية في بريطانيا وكذلك تجميد بعض أصولها في أمريكا والاتحاد الأوروبي بما يقدر بنحو 300 مليار دولار. وذلك مع فرض قيود على بعض صادراتهم إلى روسيا وتخارج العديد من الشركات الغربية من الاقتصاد الروسي والتلويح بإمكانية تجميد أصول البنك المركزي الروسي المودعة في البنوك الغربية والمخصصة لمدفوعات الدين الأجنبي الروسي.

وقد شملت تلك العقوبات حظر الرحلات الجوية القادمة من روسيا كما قامت أمريكا مؤخرًا بفرض عقوبات على شركة روسية تعمل في نشاط تعدين العملات الرقمية، وتبعهم في ذلك كل من كندا واستراليا واليابان في فرض عقوبات مشابهة على روسيا.

الرد الروسي على العقوبات الغربية

قام البنك المركزي الروسي في البداية بالدفاع عن سعر الروبل الروسي بالأداة التقليدية وهي رفع أسعار الفائدة، حيث رفع البنك المركزي الروسي أسعار الفائدة بأكثر من الضعف لتتحرك من 9.5% إلى 20% وذلك بعد أن ارتفع زوج الدولار روبل بأكثر من 40% خلال الأيام الأولى لفرض العقوبات.

كذلك قامت روسيا بمنع مدفوعات الفوائد للمستثمرين الأجانب الذين يحملون سندات خزانة روسية كما حظرت على الشركات الروسية دفع توزيعات أرباح للمساهمين الأجانب. كذلك حظرت على المستثمرين الأجانب بيع حيازاتهم من الأصول الاستثمارية الروسية سواء كانت سندات أو أسهم، وهددت روسيا بقطع إمداداتها من النفط والغاز إلى أوروبا.

وفي خطوة جديدة، قام البنك المركزي الروسي بالإعلان عن عودته إلى برنامج شراء الذهب من جديد والذي كان قد أوقفه في 2020 مع ارتفاع أسعار الذهب بقوة. وأعلن المركزي الروسي أنه سيقوم بشراء الذهب من البنوك الروسية المحلية بسعر ثابت وهو 5000 روبل للجرام وهي الخطوة التي أعطت دفعة قوية للروبل مقابل الدولار اذ اعتبر العديد من المحللين أنها خطوة لبناء غطاء ذهبي قوي للعملة الروسية المحلية.

كما قامت الحكومة الروسية بإجبار الشركات الخاصة الروسية على تحويل 80% من عائداتهم إلى الروبل مما خلق طلبًا قويًا على الروبل وساعد في الضغط على زوج الدولار روبل.

وأخيرًا، فقد صرحت الحكومة الروسية بأنه سيتوجب على “الدول غير الصديقة” بما فيها الاتحاد الأوروبي أن تقوم بتسوية مدفوعات وارداتها من الغاز باستخدام الروبل الروسي فقط. وعلى الرغم من إيضاح المسؤولين في روسيا بأن هذا النظام سيتطلب وقتًا في تنفيذه، إلا أن ذلك القرار قد دعم مستويات الطلب على الروبل بقوة نظرًا لضخامة حجم صادرات الغاز الروسية إلى الدول الغربية.

وعلى إثر تلك الخطوات، فقد استطاع الروبل الروسي أن يستعيد مستويات ما قبل الغزو الروسي لأوكرانيا، حيث تراجع سعر صرف الدولار الأمريكي مقابل الروبل إلى 74 روبل خلال كتابة هذا المقال.

هل ينخفض سعر الروبل الروسي مقابل الدولار مرة أخرى؟

يواجه الدائنون الأجانب لروسيا احتمالًا للاضطرار لقبول مدفوعات الديون بالروبل بعد أن لوحت وزارة الخزانة الأمريكية بقرار تجميد كافة الاحتياطيات الروسية لدى البنوك الأمريكية.

وهنا سيتعين على روسيا الاختيار بين استنزاف الاحتياطيات المتبقية لديها بالدولار أو التخلف عن السداد. لذا قد يؤدي التخلف عن سداد الديون البالغة 636 مليون دولار إلى انخفاض آخر في قيمة الروبل الروسي أمام الدولار.

ووفقًا لرويترز، قال مدير المجلس الاقتصادي بالبيت الأبيض أن التقديرات تظهر بأن الاقتصاد الروسي سينكمش 10-15% في 2022 كما توقع صندوق النقد الدولي أن يسجل الاقتصاد الروسي انكماشا بنسبة 8.5% خلال 2022 وأن يرتفع معدل التضخم الروسي بنسبة 21% خلال العام.

وبناءً على تلك العوامل، فقد توقع الخبراء لدى مركز فوكس إيكونومكس أن تمارس العقوبات الغربية ضغوطًا أكبر على الاحتياطي الأجنبي الروسي مما يجعل المركزي الروسي عاجزًا عن استمرار دفاعه عن الروبل. بالتالي سيؤدي ذلك بحسب التوقعات إلى عودة انخفاض الروبل الروسي بقوة أمام الدولار ليصل سعر صرف الدولار مقابل الروبل إلى 117.5 روبل بنهاية 2022 وإلى 115.9 بنهاية 2023. لمعرفة كيفية الاستفادة من العقود مقابل الفروقات يمكن الاطلاع على هذا المقال.