توقعات أسعار الذهب لعام 2022
استطاعت أسعار الذهب أن تواصل التحرك بالقرب من أعلى مستوياتها التاريخية. فعلى الرغم من اتجاه بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي إلى تشديد السياسة النقدية بوتيرة سريعة وهو ما يضغط على أسعار الذهب، إلا أن التوترات الجيوسياسية الحالية بالإضافة الى ارتفاع معدلات التضخم العالمية إلى مستويات تاريخية والتخوفات من دخول الاقتصاد العالمي في حالة من الركود التضخمي قد ساهمت في تقديم عوامل دعم قوية لأسعار الذهب وهو ما ساعد على استقرارها عند مستويات مرتفعة حاليًا.
العوامل المؤثرة في أسعار الذهب
- تشديد السياسة النقدية الأمريكية
- ارتفاع حالة عدم اليقين الاقتصادي
- التوترات الجيوسياسة
- عودة تفشي فيروس كورونا
- توقعات تزايد طلب البنوك المركزية
تشديد السياسة النقدية الأمريكية
في مارس من عام 2020 قام الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي باتباع سياسة نقدية توسعية بشكل كبير شملت برامج شراء تقدر بنحو 120 مليار دولار بشكل شهري. إضافة إلى ذلك فإن الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي قام بتخفيض أسعار الفائدة البنكية إلى 0.25% وهي المستويات التي تكاد تكون صفرية.
كان لتلك السياسة التوسعية القوية بالإضافة إلى تفشي وباء كورونا أثرًا كبيرًا على دعم أسعار الذهب خلال 2020 حتى استطاعت الأسعار أن تصل إلى مستويات تاريخية عند 2075 دولار في أغسطس 2020، حيث تزامن ذلك مع تراجع مؤشر الدولار الأمريكي DXY إلى 93 نقطة.
في مارس 2022 شهدت أسعار الذهب تراجعًا من أعلى مستوياتها التاريخية إلى 19018 دولار للأوقية لتخسر نحو 15% من قيمتها منذ بداية 2021، حيث قام الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي باتخاذ قراره برفع أسعارالفائدة البنكية بنحو 25 نقطة لتصل إلى 0.5% مع إعلانه عن اعتزامه البدء في تسريع وتيرة تقليص حيزاته من سندات الخزانة، وخلال كتابة هذه السطور فإن أسعار الذهب تتداول حول مستويات 1898.3 دولار للأوقية.
ارتفاع حالة عدم اليقين الاقتصادي
شهدت أسعار الذهب ارتفاعًا جديدًا حتى استطاعت أن تعاود الوصول إلى أعلى مستوياتها التاريخية عند 2070 دولار في مارس 2022، فعلى الرغم من اتباع الدول لبرامج وقائية ضد فيروس كورونا بالإضافة إلى انتهاج الفيدرالي الأمريكي سياسة نقدية معاكسة تستهدف رفع مستويات الفائدة بشكل تدريجي إلى 3.5% – بحسب تصريحات بعض أعضاء لجنة السياسة النقدية – مع تخفيض حيازاته من السندات بشكل قوي، إلا أن المخاوف المتعلقة بدخول الاقتصاد الأمريكي والعالمي في حالة الركود التضخمي قد زادت من مخاوف المستثمرين.
بعد أن ارتفع مؤشر أسعار المستهلكين السنوي الأمريكي إلى مستويات 8.5% وهي مستويات لم يشهدها التضخم الأمريكي منذ نحو 40 عامًا، ونظرًا لأن مستويات التضخم الحالية تتسبب بها عوامل من جانب الطلب متمثلة في ارتفاع حجم الطلب العالمي على السلع والخدمات وكذلك عوامل من جانب العرض متمثلة في تعثر سلاسل الإمداد وتراجع المعروض النفطي العالمي وأزمة الغذاء بسبب العقوبات المفروضة على روسيا، فإن المستثمرين يتخوفون من حالة ركود تضخمي قادمة وهو ما دفعهم للاتجاه من جديد إلى الاستثمار بكثافة في الذهب.
التوترات الجيوسياسية
من المعلوم أن الذهب يعتبر هو الملاذ الآمن الأول في أوقات التوترات العالمية، ولذا فقد صعدت أسعار الذهب بشكل قوي في مارس 2022 حتى لامست مستويات 2070 دولار. حدث ذلك على خلفية الغزو الروسي لأوكرانيا وما أثاره من ذعر ومخاف حول استقرار الأوضاع الاقتصادية والسياسية العالمية وما قد يتبع ذلك الغزو من تحولات في العالم والتي قد ظهر مؤشراتها في زيادة عدد من الدول الأوروبية لمخصصات الدفاع في موازناتها العامة.
من جانب آخر، فإن التوترات الجيوسياسية بين الصين والولايات المتحدة فيما يتعلق بجزيرة تايوان لاتزال قائمة ولاتزال السجالات بينهم مستمرة في التصاعد حول هذا الملف. كما تطورت مخاوف احتمال الغزو الصيني لأراضي تايوان حتى قامت الحكومة التايوانية بتوزيع كتيبات على المواطنين في استراتيجيات الدفاع المدني إذا ما حدث غزو صيني.
عودة تفشي فيروس كورونا
عاودت المخاوف المتعلقة بتفشي فيروس كورونا لتطل برأسها من جديد، فقد شهدت عدد من المدن الصينية ارتفاعًا قويًا في وتيرة تفشي فيروس كورونا حتى تجاوزت معدل 190 ألف حالة يوميًا. على إثر ذلك الانتشار اتجهت السلطات الصينية لتطبيق قيود الإغلاق في عدد من المقاطعات والمدن حتى طالت إغلاق المركز المالي العالمي شنغهاي.
وعلى خلفية ذلك فقد تلقت أسعار الذهب دعمًا قويًا جراء عودة المخاوف من خروج تفشي فيروس كورونا في الصين عن السطيرة وما يتبع ذلك من تراجع للنشاط الاقتصادي مما قد يسبب أضرار جسيمة للاقتصاد العالمي خاصة في ظل استمرار التوترات الجيوسياسية الحالية.
توقعات تزايد طلب البنوك المركزية
استطاع الذهب أن يثبت مكانته من جديد كملاذ آمن للاستقرار المالي لدى البنوك المركزية حول العالم، فبعد الاضطرابات المتعددة التي شهدها العالم منذ مطلع 2020 عادت البنوك المركزية لتولي أهمية أكبر لبناء احتياطيتها من الذهب. وقد توقع الخبراء لدى جولدمان ساكس أن يصل معدل الطلب على الذهب خلال 2022 من جانب البنوك المركزية إلى 750 طن مقارنة ب 450 طن فقط خلال 2021.
توقعات أسعار الذهب 2022
أعرب المحللون في بنك جولدمان ساكس عن توقعاتهم بأن تواصل أسعار الذهب ارتفاعها خلال 2022 حتى تصل إلى 2500 دولار بنهاية العام، وقد عللوا ذلك بالمناخ العالمي غير المستقر سواء لأسباب الحرب الروسية الأوكرانية أو لمخاوف الركود في الاقتصاد الأمريكي.
وعلى نقيض ذلك، فقد توقع بنك يو بي إس أن تشهد أسعار الذهب تراجعًا بنهاية عام 2022 لتصل إلى مستويات 1700 دولار للأوقية، وقد علّل محللي يو بي إس ذلك التوقع بأنه مع هدوء الحرب، فإن المستثمرين سيعودون للاهتمام بالمحركات الأساسية للسوق وأسعار الفائدة الحقيقية واتجاهات الوضع الاقتصادي في ظل سياسة الاحتياطي الفيدرالي التشديدية. ولمعرفة كيفية تداول السلع يمكن الاطلاع على هذا المقال.