عقود الذرة تلفت أنظار خبراء التداول في أسواق السلع.. لماذا؟
تعد الذرة من السلع الغذائية التي شهدت ارتفاعًا كبيرًا خلال هذا العام، وجذبت انتباه جميع المهتمين بالتداول في الأسهم الأمريكية وتداول سوق السلع بشكل عام. فأن الذرة تسجل صعودًا من بداية العام الجاري وقد كان الصعود طفيفًا، ولكن سرعان ما تحول إلى صعود حاد ليصل إلى مستويات قياسية في أبريل الماضي. الأمر الذي أدى لتحقيق مكاسب طائلة للمتداولين على تلك السلعة بالإضافة إلى فتح مراكز شرائية جديدة وبأحجام كبيرة لعقود الذرة.
نظرة على سوق الذرة
تعد الذرة ثاني أهم محاصيل الحبوب المزروعة عالميًا بعد القمح. وتكمن أهميته في كونه يعد المصدر الرئيسي المستخدم كعلف للحيوانات، بالإضافة إلى استخدامه كغذاء للإنسان وخاصة في الدول النامية بجانب القمح. كما أنه يدخل في بعض الصناعات مثل زيت الذرة وصناعة النشا ومشتقاته وعسل الذرة وسكر المالتوز وإنتاج الوقود الحيوي.
نبذة عن إنتاج الذرة
تعتبر الولايات المتحدة الأمريكية هي أكبر منتج للذرة فتنتج سنويًا نحو 366 مليون طن، وتستهلك نصفه محليًا كعلف للماشية. ويليها الصين والتي تستهلك معظم إنتاجها محليًا، ومن ثم البرازيل والأرجنتين يليهم أوكرنيا. وتعد الولايات المتحدة هي أكبر دولة مصدره للذرة يليها الأرجنتين والبرازيل وأوكرانيا وفرنسا.
الأسباب التي أدت إلى الصعود القوي للذرة
إن الذرة واحدة من السلع الزراعية التي شهدت صعودًا حادًا في الآونة الأخيرة ويظهر ذلك جليًا خلال متابعة حركة التداول السلع. فارتفعت أسعار عقود الذرة الآجلة لأعلى مستوى لها منذ سبتمبر 2012 لتتخطى 8 دولارات للبوشل في 18 أبريل الماضي. ويرجع ذلك إلى العديد من الأسباب منها:
- الطقس الحار وحالة الجفاف
إن الطقس الحار وموسم الجفاف الذي طال الكثير من المناطق في الولايات المتحدة أدى إلى انخفاض حجم إنتاجها من الذرة إلى ما يقارب النصف. وقد أثر ذلك بشكل كبير على حجم الصادرات العالمية من الذرة حيث تعد هي الأولى عالميًا في إنتاجه وتصديره وبالتالي ارتفاع الأسعار بشكل كبير.
كما ضرب الجفاف أيضًا الولايات الجنوبية في البرازيل والتي تعد ثالث أكبر الدول المصدرة للذرة، مما أدى إلى هلاك عدد كبير من الأفدنة والتأخر عن موعد الحصاد وبالتالي انخفاض الصادرات أدت لارتفاع الأسعار. مما عاد بأرباح طائلة على المتداولين على سلعة الذرة والمهتمين بالتداول في السلع.
- الغزو الروسي لأوكرانيا
إن صادرات الحبوب الأوكرانية قد تراجعت بشكل كبير جدًا منذ بداية الغزو الروسي لها، وذلك بسبب غلق الموانئ الأوكرانية والتي تطل على البحر الأسود وهو طريقها الرئيسي للشحن. وعلى رأس تلك الصادرات الذرة والتي تعد أوكرانيا من أكبر الدول المصدرة له.
ومن جهة أخرى فإن روسيا وأوكرانيا تعتبران من أكبر الدول المصدرة للقمح والعديد من المواد الأولية الأخرى والسلع الغذائية، وبالتالي فإن الطلب على الذرة كعنصر غذائي أساسي بديل للقمح يزداد ومن ثم ارتفعت أسعاره.
- ارتفاع التكاليف اللوجستية لزراعة الذرة
لقد أثرت زيادة التكاليف اللوجستية في الولايات المتحدة والبرازيل بشكل كبير في زيادة التكاليف الإجمالية لزراعة محصول الذرة. وتتمثل تلك التكاليف فيما يلي:
- الارتفاع الكبير في أسعار الغاز الطبيعي والنفط. والتي تستخدم في معدات الزراعة وتكلفة نقل السلعة.
- ارتفاع أسعار المدخلات الأساسية في تصنيع الأسمدة، حيث ارتفعت أسعار الأسمدة هي الأخرى إلى مستويات قياسية في الأونة الأخيرة. وتعد كلا من الولايات المتحدة والبرازيل من أكبر مستوردي الأسمدة.
- اضطرابات سلاسل التوريد
جائحة كورونا أدت إلى تعطل سلاسل التوريد وذلك بسبب الارتباك الذي حدث في خطوط الشحن نتيجة لتسريح عدد كبير من العمالة. ومن ثم ازدياد الضغط على خدمات الشحن بعد رفع قيود الحظر والإغلاق الأمر الذي أدى في النهاية إلى ارتفاع تكاليف الشحن ووجود ضغط كبير على أسعار السلع الغذائية وعلى رأسهم الذرة.
سبب الانخفاض الأخير في أسعار عقود الذرة
لقد لوحظ تراجع في أسعار الذرة منذ بداية يوليو الماضي وحتى الثلث الأخير من يوليو، ويرجع ذلك إلى عدة أسباب أهمها:
- بداية موسم حصاد المحصول الثاني من الذرة البرازيلية.
- انخفاض الطلب على الذرة في الولايات المتحدة نظرًا لارتفاع مخاوف الركود.
- فتح عدد من الموانئ الأوكرانية واستئناف تصدير الحبوب منها، وعلى رأسهم الذرة.
سبب انتعاش أسعار الذرة من جديد
لاحظ المهتمين بالتداول السلع الغذائية أن أسعار عقود الذرة بدأت في الانتعاش والارتفاع مرة أخرى منذ بداية أغسطس الجاري لتتخطى 6 دولارات للبوشل وذلك بسبب:
- تقارير وزارة الزراعة الأمريكية بأن 64% فقط من المحصول يصنف من جيد إلى ممتاز. وهي نسبة منخفضة.
- استمرار حالة الجفاف وموجات الحر في أمريكا في السهول والغرب الأوسط مما تدهور من حالة المحصول.
- اشتعال الخلاف الأمريكي الصيني وظهور على أثره على الارتفاع المتواصل في أسعار الذرة العالمية.
- رغم فتح الموانئ الأوكرانية إلا أن صادراتها قد تراجعت للنصف تقريبًا.
مستقبل أسعار عقود الذرة الآجلة
خلال كتابة هذه السطور، فإن أسعار الذرة تتحرك حول 6.5 دولار للبوشل، ولكن بمتابعة الاتجاه العام للسعر، فإننا نجد أن هناك قناة سعرية صاعدة متكونة منذ يوليو الماضي تحتوي تحركات السعر حتى الآن، وهو ما يرجح أن يواصل السعر التحرك حتى يصل إلى مستويات 7.5 دولار للبوشل. وهي ما تعتبر فرصة ممتازة لبداية التداول على الذرة.