لماذا نتوقع صعود عقود البلاديوم في سوق السلع
تتخذ عقود البلاديوم اتجاه صعودي قوي منذ نحو 6 سنوات نظرًا لتصاعد أهميته في الصناعات الحديثة. وفي الآونة الأخيرة تسارعت وتيرة صعود البلاديوم بقوة حتى وصل سعره إلى ذروته في مارس الماضي ، الأمر الذي كان له أثر إيجابي على التداولات على سلعة البلاديوم.
وخلال السطور التالية سوف نتعرف على أهم المستجدات في سوق البلاديوم وإلى أين تتجه أسعاره.
نبذة عن سلعة البلاديوم
البلاديوم هو معدن فضي اللون، عادة ما يوجد مع مجموعة عناصر أخرى تسمى بلاتينيوم. يستخدم البلاديوم بشكل أساسي في صناعة السيارات لتنقيتها من العوادم والملوثات البيئية وتقليل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، كما يستخدم في صناعة المحولات المحفزة والإلكترونيات وأيضًا في طب الأسنان وتنقية الهيدروجين وبعض المجوهرات.
تعد روسيا هي أكبر دولة منتجة للبلاديوم حيث تنتج نحو 40% من المعروض العالمي من خلال شركة “نوريلسك” الروسية، أكبر منتج للبلاديوم في العالم. وتأتي جنوب أفريقيا في المركز الثاني بإنتاج نحو 40% من المعروض العالمي أيضًا، وتم اكتشاف أكبر رواسب في العالم للبلاديوم فيها. ويليها كندا ثم الولايات المتحدة الأميركية وتأتي زيمبابوي في المركز الخامس.
لماذا يعد البلاديوم أكثر قيمة من الذهب
يرجع السبب الأساسي في ارتفاع قيمة البلاديوم إلى ندرة مخزوناته، إذ أن البلاديوم يعد ذو قيمة مرتفعة وذلك بسبب خصائصه المتميزة التي ترفع من قيمته وخاصة في مجال صناعة السيارات، حيث يستخدم أكثر من 80% من الإنتاج كمحول محفز في الأجهزة الخاصة بتنقية عوادم السيارات.
كذلك يتميز البلاديوم بقدرته الخاصة على تحويل نحو 90% من الغازات السامة المنبعثة من السيارات مثل الهيدروكربونات وثاني أكسيد النيتروجين وأول أكسيد الكربون إلى بخار ماء وثاني أكسيد الكربون.
أسباب الصعود القوي للبلاديوم
على الرغم من أن البلاديوم قد شهد ارتفاع بشكل مستمر لمدة 6 سنوات متواصلة. إلا أن هناك قفزات ارتفع فيها السعر بشكل حاد كما حدث في فبراير 2020 ومايو 2021 وشهر مارس 2022. ففي 2021 ارتفعت الأسعار بأكثر من 17% وفي مايو استطاع السعر أن يلامس 3000 دولار للطن ثم تخطى السعر حاجز 3000 دولار وسجل ارتفاعًا غير مسبوق وأرقام قياسية في مارس الماضي.
وظهر ذلك خلال التداول في الأسواق على المعدن. ومن أهم أسباب صعود البلاديوم ما يلي:
إن السبب الرئيسي وراء ارتفاع سعر البلاديوم هو عدم كفاية المعروض العالمي منه لسد الطلب عليه واحتياجات السوق. فالكميات الموجودة منه قليلة ونادرة، وذلك في ظل زيادة طلب صانعي السيارات عليه وخاصة التي تعمل بالبنزين.
- إلغاء سياسات الإغلاق الخاصة بكورونا
تسببت سياسة الإغلاق الناجمة عن جائحة كورونا في تخفيض إنتاج المناجم مما أدى إلى حدوث اضطرابات في عرض البلاديوم. الأمر الذي جعل السعر يرتفع عام 2021 عند إلغاء حالة الإغلاق وارتفاع الطلب على السيارات مرة أخرى.
- حدوث اختلالات في محطات إنتاج البلاديوم
في عام 2020 توقفت محطة بلاتينيوم أنغلو أمريكان الموجودة في جنوب أفريقيا مما أدي إلى انخفاض العرض بشكل كبير، الأمر الذي تسبب في ارتفاع حاد في أسعار المعدن ووصل سعره 2822 دولار للطن.
وفي عام 2021 انخفض انتاج شركة “نورنيكي” والتي تنتج نحو 40% من الإنتاج العالمي على خلفية معاناة اثنين من أكبر مناجمها بسبب الفيضانات بالإضافة إلى وقوع حادث في أحد المكثفات أدى لتوقف الإنتاج لمدة ثلاثة شهور.
- تشديد اللوائح الدولية الخاصة بمعايير انبعاثات المركبات
كان لتشديد اللوائح والقوانين الخاصة بمعايير الانبعاثات السامة للمركبات الأثر الكبير على السعر، وذلك بسبب تنامي الطلب على البلاديوم مع زيادة الطلب على السيارات التي تعمل بالبنزين، والتي يدخل البلاديوم في صناعة محولات العوادم الخاصة بها.
- الغزو الروسي لأوكرانيا
من المعروف أن روسيا تستحوذ وحدها على 40% من الإنتاج العالمي. ولكن مع فرض العقوبات الاقتصادية عليها نتيجة غزوها لأوكرانيا في فبراير الماضي أدى ذلك إلى فرض عقوبات على الصادرات الروسية وزادت المخاوف من نقص المعروض مما جذب أنظار المستثمرين إلى البلاديوم.
لماذا تراجعت أسعار البلاديوم مؤخرًا؟
على الرغم من استمرار الأسباب الداعمة لصعود أسعار البلاديوم، إلا أن مخاوف تراجع النمو الاقتصادي التي أصبحت تسيطر على اقتصاد الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا صارت تؤثر سلبًا بقوة على توقعات الطلب على البلاديوم خلال الفترة المقبلة.
إضافةً إلى ذلك فإن سياسة صفر كورونا التي تتبعها الصين تسببت في تقليص الطاقة التشغيلية للعديد من مصانع السيارات مما تسبب في تراجع الطلب الصيني على المعدن خلال الفترة الماضية.
أين تتجه عقود البلاديوم؟
بحسب الأوضاع الحالية؛ فإن العوامل الدعامة لصعود أسعار البلاديوم وهبوط أسعار تكاد تتقارب في التأثير على الأداء السعري للمعدن. فلاتزال مشاكل سلاسل التوريد قائمة، ولاتزال الحرب الروسية الأوكرانية تقطع الطريق أمام الصادرات الروسية ولايزال البلاديوم في ذاته يتمتع بندرة نسبية عالية، ولاتزال صناعة السيارات تعتمد بشكل أساسي على هذا المعدن.
لكن، وعلى الجانب الآخر، فإن مخاوف ركود الاقتصاد الأمريكي، وأزمة الطاقة التي تعصف بالاقتصاديات الأوروبية أصبحت هي المحدد الأكبر أمام اتجاه أسعار العديد من السلع الأساسية في السوق العالم.
ولكن على الرغم من أن البلاديوم حاليًا يتداول عند مستويات 2005 دولار للأوقية، إلا أن السعر لايزال أعلى من مستوى الدعم القوي عند 1,827 دولار، وبالتالي فإن هناك فرصة كبيرة لارتداد السعر من ذلك الدعم، كما أن هناك نموذج رأس وكتفين آخذ في التكون حاليًا. وبالتالي فإن هناك فرصة قريبة للدخول في مراكز شرائية على البلاديوم.