12/01/25

56

أثر الولاية الثانية لترامب وأسواق المال الآن تعتبر من أهم الموضوعات التي يتابعها المتداولين ومحللي أسواق المال، فمن المعلوم أن ترامب لديه أفكار وأجندة اقتصادية قت تلقي بظلالها على مختلف الأصول في أسواق المال، من الدولار الأمريكي مرورا بالأسهم والسندات والسلع وحتى الأصول المشفرة والبيتكوين. 

وخلال السطور التالية نبحث بشكل سريع أهم الآثار المتوقعة أن تترافق مع ولاية ترامب الثانية وأسواق المال، وما هي الأصول المرشحة للاستفادة من رئاسة ترامب والأصول التي قد تتضرر من هذه الفترة الرئاسية. 

لمحة عن الفترة الرئاسية الأولى لترامب وأسواق المال 

خلال فترة الرئاسة الأولى لترامب بين 2017 و2021، شهد البيتكوين قفزة عنيفة جدا، حيث انطلق من 966 دولار إلى 29,000 دولار، كما شهد مؤشر S&P500 ارتفاع بنسبة 75.8% ليصل إلى 3764 نقطة فيما تراجع مؤشر الدولار الأمريكي بنسبة 12.5% ليسجل 89.9 نقطة. 

ترامب وأسواق المال.. رابحون وخاسرون 

هناك مجموعة من الأصول من المتوقع أن تشهد ازدهارا وارتفاعا خلال ولاية ترامب الثانية وستستفيد من سياساته الاقتصادية مثل سوق الأسهم وبالأخص أسهم شركات الطاقة وأيضا العملات المشفرة التي سيدعمها ترامب وأيضا الدولار الأمريكي الذي قد يجد مجالا للارتفاع على الرغم من تفضيل ترامب لإبقائه ضعيفا. 

الدولار الأمريكي وآمال الصعود 

هناك التخوفات حيال آراء ترامب وأسواق المال وبالأخص الدولار الأمريكي، حيث يرى ترامب أن الدولار يجب أن يكون ضعيفا حتى تكون البضائع الأمريكية رخيصة على المستوى العالمي ويكون لها قدرة تنافسية قوية ومن ثم تغزو الأسواق وتستطيع التنافس مع الدول الأخرى وخاصة الصين. 

لكن على الرغم من ذلك، يرى الخبراء أن سياسة ترامب التي تسعى لفرض رسوم جمركية على البضائع المستوردة وخفض الضرائب على الأسر والأعمال وتقييد الهجرة إلى أمريكا سيكون لها انعكاس إيجابي غير مباشر على الدولار، والأمر هنا يتعلق بالفيدرالي الأمريكي، فعلى الرغم من اتباع الفيدرالي الأمريكي حاليا لسياسات نقدية توسعية وخفض أسعار الفائدة التي تستقر حاليا عند 4.5%، إلا أن سياسات ترامب من المتوقع أن تزيد من مستويات التضخم مما سيدفع الفيدرالي حتما إلى العودة لرفع أسعار الفائدة من ثم سيرتفع الدولار. 

أيضا مؤخرا خرج دونالد ترامب بتصريح أعرب خلاله عن رأيه بأنه يجب إزالة سقف الدين الفيدرالي وعدم تقييد الإنفاق الحكومي بسقف محدد، ونظرا لأن الدين الفيدرالي الأمريكي الآن تجاوز مستويات 36 ترليون دولار أمريكي، فإن خطوة كإلغاء سقف الدين الأمريكي قد تدفع الفيدرالي لتبني سياسة نقدية تقييدية بشكل عنيف مما سيكون له انعكاس إيجابي على الدولار. 

ترامب وأسواق المال والأسهم  

الفئة الثانية من الأصول التي يهتم المراقبون بمراقبتها هي سوق الأسهم. فبحسب السياسة المتوقعة لترامب، فإن فرض تعريفات جمركية كبيرة على الواردات والتخلي عن القيود البيئية فيما يتعلق بالانبعاثات الكربونية وكذلك خفض ضرائب أرباح الشركات، كل ذلك سيكون له انعكاسا متباينا على سوق الأسهم الأمريكي. 

فعلى سبيل المثال يتوقع خبراء جولدمان ساكس أن خطة ترامب بخفض الضريبة على الأرباح الرأسمالية للشركات من 21% إلى 15% قد تحقق زيادة في عائدات مؤشر S&P500 بنسبة 4%.  

وعلى الرغم الأثر الإيجابي الموقع على مؤشر S&P500، إلا أن الأثر على الأسهم والقطاعات سيكون متابنا بشكل واضح، فعلى الرغم من أن الأسهم الدفاعية -مثل أسهم شركات المرافق العامة والأغذية – ستشهد ارتفاع قويا، كما ستستفيد شركات صناعة السيارات التقليدية، إلا أن هناك ستشهد ضغوط كبيرة مثل شركات السيارات الكهربائية -خاصة وإن تم إلغاء الدعم الموجه لها- وكذلك شركات التكنولوجيا التي تعتمد على الرقائق الإلكترونية والشركات التي تعتمد على التصدير والاستيراد. 

ستجد شركات الطاقة أيضا متنفسا في عهد ترامب، حيث من المتوقع أن يتم رفع قيود الإنتاج المتعلقة بالانبعاثات الكربونية، وسيرتفع الطلب على النفط ومشتقاته محليا، ولكن في مقابل ذلك قد يشهد المعروض العالمي من النفط ارتفاعا يضغط على أسعار النفط وقد تتسبب الحرب التجارية العنيفة في ركود اقتصادي عالمي يضرب الطلب العالمي على النفط قد يفوق أثر ارتفاع الطلب المحلي. 

ازدهار البيتكوين مع ترامب 

تمثل العملات الرقمية أحد أهم النقاط حين النظر إلى سياسات ترامب وأسواق المال، حيث يعتبر ترامب من الداعمين الأقوياء لفتح المجال أمام العملات الرقمية في أمريكا، ففي مؤتمر البيتكوين لعام 2024، صرح دونالد ترامب بأنه سيقوم من اليوم الأول بتغيير هيكلة هيئة أسواق المال الأمريكي SEC – التي لطالما عارضت العملات الرقمية- وأنه سيقوم فورا بتغيير رئيسيها “جاري جينسلر” ويستبدله بشخص آخر يؤيد فتح المجال للعملات المشفرة. 

هذه التصريحات وتلك السياسة المتوقعة كان لها أثر سريع على البيتكوين التي انطلقت لتسجل أعلى مستوياتها على الإطلاق عند 108 ألف دولار، وهو ما دفع بعض المحللين للقول بأن البيتكوين في عهد ترامب قد تتضاعف لتسجل مستوى 200,000 دولار، بل يتوقع البعض أن ذلك المستوى يمكن تحقيقه في فترة وجيزة خلال 2025.