06/10/23

271

يشهد زوج النيوزلندي دولار NZD/USD تراجعًا قويًا منذ فبراير 2021، وعلى الرغم من أن بنك الاحتياطي النيوزلندي يعتبر من أول البنوك المركزية التي اتجهت لتشديد السياسة النقدية في وقت مبكر، إلا أن الضغوطات التي لقيها الاقتصاد النيوزلندي بسبب تفشي كورونا لفترة كبيرة إلى جانب النبرة المتشددة للسياسة النقدية الأمريكية قد أدت إلى ضغوط مستمرة على زوج النيوزلندي دولار.

نظرة على الدولار النيوزلندي

يعتمد الاقتصاد النيوزلندي بشكل كبير على التجارة الدولية، وتربطه العديد من الشراكات التجارية مع العديد من الدول، غير أن الشراكة الأقوي والأكثر تأثيرًا في أداء الاقتصاد النيوزلندي هي الشراكة بين الاقتصاد النيوزلندي وكل من الاقتصاد الاسترالي والصيني، ويعتمد الاقتصاد النيوزلندي بشكل كبير على صادرات منتجات الألبان حيث تمثل النسبة الأكبر دائمًا من صادراتها.

أداء النيوزلندي دولار في 2021

شهد زوج النيوزلندي دولار تراجعًا قويًا في 2021، فقد سجل الزوج خسائر فيما بين فبراير وحتى ديسمبر بنسبة 4.2%. على الرغم من نجاح نيوزلندا في السيطرة على تفشي فيروس كورونا في وقت مبكر إلا أن قوة أداء الدولار الأمريكي أيضًا قد سيطر على اتجاه الزوج في بدايات 2021.

ثم تلقى الاقتصاد النيوزلندي بعد ذلك ضربة جديدة من فيروس كورونا؛ حيث ارتفعت معدلات الإصابة بمتحور أوميكرون الجديد مما دفع رئيسة الوزراء النيوزلندية “جاسيندا أندرين” إلى العودة لتطبيق قيود الإغلاق حتى طالت كبرى المدن وعلى رأسها أوكلاند.

وفي أكتوبر الماضي، استطاع زوج النيوزلندي دولار أن يسجل ارتفاعًا قويًا وذلك بدعم من اتجاه بنك الاحتياطي النيوزلندي للبدء في تشديد السياسة النقدية ورفع مستويات الفائدة للمرة الأولى من 0.25% لتصل إلى 0.50% وليكون بذلك في مقدمة البنوك المركزية التي اتجهت لرفع مستويات الفائدة، وكان ذلك متزامنًا مع استمرار الفائدة الأمريكية عند مستويات صفرية.

النيوزلندي دولار في 2022

لم تكن تطورات عام 2022 في صالح أداء النيوزلندي دولار على الإطلاق، فمنذ بداية العام ارتفعت التوترات الجيوسياسة عالميًا وبالخصوص ما بين روسيا وأكرانيا، إضافة إلى اتجاه الاحتياطي الفديرالي الأمريكي لتشديد السياسة النقدية ثم تفشي فيروس كورونا في الصين. وخلال السطور التالية نستعرض أهم النقاط التي أثرت على أداء الزوج.

الغزو الروسي لأوكرانيا

تسبب الغزو الروسي لأوكرانيا في 24 فبراير في ارتفاع مؤشرات الخطر العالمية، فإلى جانب المخاطر العسكرية وعدم الاستقرار، تسببت الحرب في رفع أسعار النفط والمحاصيل الزراعية مما انعكس في رفع مستويات التضخم العالمية (التي كانت مرتفعة بالفعل بسبب تبعات كورونا وتعطل سلاسل الإمداد) وقد أدى ذلك كله إلى هروب الاستثمارات إلى الملاذات الآمنة مثل الذهب والدولار الأمريكي، مما تسبب بالتبعية في ممارسة ضغوط على أداء النيوزلندي دولار.

تشديد السياسة النقدية الأمريكية

كان لتشديد السياسة النقدية من جانب الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي أثرًا كبيرًا في دعم أداء الدولار الأمريكي أمام كافة العملات العالمية. فقد بدأ الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي بتخفيف برنامج مشتريات الأصول ثم قام برفع معدلات الفائدة لأول مرة في اجتماع مارس الماضي من 0.25% إلى 0.50%، ثم تبع ذلك قيام الفيدالي برفع الفائدة في مايو بمقدار 0.50 نقطة لتصل مع البدء في تقليص حيازاته من الأوراق المالية والسندات بحجم 47.5 مليار دولار شهريًا.

ولم يقتصر الأمر على ذلك، فقد خرجت بعض التوقعات التي تشير لاحتمال قيام الفيدرالي في الاجتماع القادم برفع الفائدة بحجم 75 نقطة وهو ما مثل عامل دعم إضافي للدولار الأمريكي. وعلى الرغم من أن تلك التوقعات تراجعت بعد أن أظهر مؤشر التضخم السنوي الأمريكي تراجعًا، إلا أنه لايزال التوقع الأقوى عند تحريك الفيدرالي 50 نقطة إضافية وهو يظل عاملًا داعمًا للدولار.

تفشي كورونا في الصين

كما أشرنا في بداية المقال، فإن النشاط الاقتصاد النيوزلندي يعتمد بشكل كبير على نمو الاقتصاد الصيني، حيث تعتبر الصين على رأس الشركات الاقتصاديين لنيوزلندا. وقد شهدت عدد من مقاطعات الصين تفشي جديد لفيروس كورونا، وهو الأمر الذي دفع السلطات في الصين إلى تطبيق قيود إغلاق في عدد من المدن الكبيرة وعلى رأسها شنغهاي التي تعتبر أحد أكبر المراكز المالية العالمية، حيث تنتهج السلطات الصينية سياسة صفر كوفيد والتي تهدف لخفض معدلات الإصابة بفيروس كورونا في الصين إلى مستويات صفرية.

 وانعكست سياسات الإغلاق على المؤشرات الاقتصادية الصينية وعلى رأسها مبيعات التجزئة الشهرية ومعدل البطالة الشهري، كما خفض صندوق النقد توقعات نمو الاقتصادي الصيني بنسبة 0.4% مقارنة بالتوقعات الصادرة في يناير.

نظرة على المؤشرات الاقتصادية في نيوزلندا

لا تزال معدلات التضخم السنوي في تزايد مطرد في نيوزلندا، فقد سجل مؤشر التضخم السنوي نموًا بنسبة 6.9% عن الربع الأول 2022 وهو ما يعتبر أعلى معدل تضخم في نيوزلندا منذ نحو 40 عامًا كما سجل مؤشر توقعات التضخم مستويات قياسية عند 3.29%.

ويبدو أن ذلك التضخم مدفوعًا بعوامل من الطلب أيضًا إضافة لجانب العرض، حيث أظهر مؤشر معدل البطالة استقرارًا عند النسبة 3.2% خلال مارس الماضي. وبالرغم من ارتفاع مؤشر ثقة الأعمال خلال مارس ليسجل -41.9% مقابل -51.8% في فبراير، إلا أن المؤشر لازال يعكس مخاوف حول المناخ الاستثماري.

وعلى الرغم من مواصلة الاحتياطي النيوزلندي في السياسة التشديدية حتى رفع مستويات الفائدة إلى 1.50% إلا أن ذلك لم يستطع أن يدعم الزوج بشكل كافي خاصة أمام النبرة التشديدية العنيفة للفيدرالي الأمريكي.

توقعات أداء النيوزلندي دولار

تستقر تداولات النيوزلندي دولار حاليًا حول مستويات 0.6258، ولازال الزوج يتحرك في قناة هابطة، وخلال الفترة المقبلة فإنه من المتوقع أن يواصل زوج النيوزلندي دولار تراجعه خصوصًا مع استمرار النبرة المتشددة للفيدرالي الأمريكي، وربما يواصل الزوج تراجعه حتى يصل إلى خط الدعم القوي عند 0.5963.