هل تكون مؤشرات البطالة محطة انزلاق جديدة في اليورو دولار؟
يشهد زوج اليورو دولار EURUSD تراجعا قويا منذ مطلع العام الماضي 2021، وقد ازدادت حدة هذا التراجع مع بداية الغزو الروسي لأوكرانيا، الأمر الذي تسبب في حالة من عدم الاستقرار في الأوضاع الاقتصادية للاتحاد الأوروبي وخاصة مع فرض العقوبات الاقتصادية على روسيا والتي من ضمنها عقوبات على قطاع الطاقة مما تسبب في نقص شديد في إمدادات النفط والغاز إلى دول الاتحاد الأوروبي.
أزمة ديون جديدة تلوح في الأفق
تعاني منطقة اليورو من ارتفاع حجم الديون السيادية، فعلى الرغم من تثبيت أسعار الفائدة البنكية عند مستويات صفرية، فقد تسببت الحرب الروسية الأوكرانية في رفع تكاليف الواردات السلعية في منطقة اليورو وخاصة واردات الطاقة وذلك بالإضافة إلى أزمة سلاسل التوريد التي تسببت في تسارع معدلات التضخم بشكل قوي عالميا.
وقد أعربت كرستين لاجارد عن تخوفاتها من حدوث هذا السيناريو، أي أزمة الديون، وقالت لاجارد إن هناك بعض الدول في منطقة اليورو على رأسها إيطاليا واليونان أصبحت تكلفة الاقتراض بالنسبة إليها صعبة التحمل على عكس الدول الغنية في الاتحاد الأوروبي مثل ألمانيا وفرنسا.
ولم تفصح لاجارد عن أي خطة للتصدي لهذا السيناريو المحتمل بل صرحت بأنه لاتوجد خطة بالأساس حتى الآن لمواجهة هذا السيناريو. ويأتي هذا السيناريو بالتزامن مع اتجاه المركزي الأوروبي لوقف التسهيلات النقدية والتحول إلى السياسة التشديدية للتصدي لمعدلات التضخم المرتفعة، وهو الأمر الذي سوف يتسبب بالتأكيد في رفع تكلفة اقتراض الدول الأوروبية المثقلة بالديون ومن ثم زيادة احتمالات التخلف عن السداد، الأمر الذي قد يسبب ضربة قاسية لليورو دولار.
أزمة الغاز الألمانية تضغط على اليورو دولار
تعتمد ألمانيا بكثافة على روسيا في استيراد الغاز، حيث تحصل على 40% من احتياجاتها من الغاز من خلال أنابيب الغاز الروسية وعلى رأسها خط نوردستريم 1. وقد قمت روسيا بعد الغزو الأكوراني باستخدام صادراتها من الغاز كوسيلة ضغط على الدول الأوروبية وفي مقدمتهم ألمانيا.
وبحسب البيانات المنشورة لدى وكالة رويترز، فإن إمدادات الغاز في خط نوردستريم 1 قد هبطت بنسبة 40% تقريبا، مما دفع الحكومة الألمانية لتفعيل المرحلة الثانية من خطة الطوارئ. ولم يكن ذلك التراجع في إمدادات الغاز خاص بألماني فحسب، بل إن البيانات تشير إلى أن الإمدادات إلى أوروبا عموما تراجعت إلى أقل من 500 جيجا وات في الساعة يوميا.
بحسب التصريحات الحكومية، فإن الأولوية ستكون لاستهلاك الأفراد والمنازل إذا حدث نقص قوي في الغاز وهو الأمر الذي سيؤثر قوة على القطاع الصناعي الألماني نظرا لكونه أكبر قطاع مستهلك للغاز في ألماني، ويستحوذ كل من قطاع الصناعة وقطاع المنازل على ثلثي استهلاك الغاز في ألمانيا.
مؤشرات اقتصادية سلبية تضغط على اليورو دولار
-
القراءة الأولية لأسعار المستهلك الألماني
سجلت القراءة الأولية لأسعار المستهلك الألماني عن شهر يونيو الجاري أسوأ قراءة منذ بداية العام الجاري، وأظهرت البيانات أن نتيجة المؤشر كانت أقل كثيرا من التوقعات، حيث سجل المؤشر نمو ضعيف جدا بنسبة 0.1% مقابل التوقعات بأن يسجل نمو بنسبة 0.4%.
وتعكس تلك القراءة السيئة حالة من التراجع الحاد في النشاط الاقتصادي الألماني مما يضغط بدوره على أداء اليورو دولار نظرا لكون ألمانيا هي أقوى أعمدة الاقتصاد الأوروبي.
-
قراءة مؤشر معهد IFO الألماني لمناخ الأعمال
سجل مؤشر IFO الألماني قراءة أسوأ من المتوقع عن شهر يونيو الجاري، فقد جاءت قراءة المؤشر عند النقطة 92.3 في حين كانت التوقعات تشير إلى إمكانية ارتفاع المؤشر إلى النقطة 92.8. وبتلك القراءة نستطيع القول أن مناخ الأعمال في ألمانيا بدأ يتجه للوضع الذي شهده أثناء جائحة كورونا وهو أمر مقلق بالنسبة لمتداولي اليورو دولار.
-
مؤشر مديري المشتريات الفرنسي للقطاع الخدمي
لم يتخلف الاقتصاد الفرنسي عن بقية اقتصاديات الاتحاد الأوروبي، فقد أظهرت المؤشرات الاقتصادية الفرنسية ضعفا ملحوظا لتعكس بذلك مدى الضغوط على الاقتصاد الفرنسي الذي يعتبر ثاني أقوى اقتصاديات منطقة الاتحاد الأوروبي.
فقد سجلت القراءة الأولية لمؤشر مديري المشتريات الخدمي الفرنسي قراءة سلبية للغاية عن شهر يونيو الجاري، حيث استقرت قراءة المؤشر عند 54.4 نقطة وذلك مقابل توقعات الأسواق بأن يسجل المؤشر قراءة عند 57.6 نقطة. وبالنظر إلى البيانات التاريخية للمؤشر نجد أن هذه القراءة هي أسوأ قراءة للمؤشر منذ شهر يناير الماضي.
اليورو دولار في انتظار مؤشر معدلات البطالة
استطاع مؤشر معدلات البطالة للاتحاد الأوروبي أن يسجل تراجعا متواصلا منذ أبريل من عام 2021 وحتى مارس من العام الجاري، حيث تراجعت معدلات البطالة الأوروبية من 8.3% إلى 6.8%. ولكن الملاحظ أن قراءة المؤشر ثبتت عند 6.8% لمدة شهرين، وهو ما قد يكون مؤشر على احتمال بدء المؤشر للصعود من جديد.
كما أن اليورو دولار غدا في انتظار قراءة مؤشر التغير في البطالة الألماني والذي عاد في شهر مايو الماضي للصعود من جديد ليسجل تراجع في البطالة بحجم 5 آلاف عامل مقابل توقعات بتقليص البطالة بحجم 16 ألف عامل، وتتجه توقعات الأسواق إلى أن يسجل الاقتصاد الألماني 5 آلاف وظيفة جديدة خلال يونيو.
اليورو دولار.. إلى أين يتجه
لاتزال السيطرة وإدارة دفة الأمور في يد الدولار الأمريكي القوي، ففي ظل السياسة النقدية الانكماشية للفيدرالي الأمريكي ورفع أسعار الفائدة بقوة حتى وصلت إلى 1.75%، عاد الملاذ الآمن المنافس للذهب “الدولار الأمريكي” ليجذب الاستثمارات من جديد وخاصة مع ارتفاع حدة التوترات الجيوسياسية وانعكاساتها الاقتصادية والخوف من الدخول في سيناريو الركود التضخمي.
وبالتالي، فإن مع تشديد الفيدرالي الأمريكي على مواصلة السياسة الانكماشية بقوة، فإن العوامل الأساسية تميل بقوة إلى احتمال استمرار تراجع اليورو دولار.
ويدعم التحليل الفني التحليل الأساسي في هذا التوقع، حيث نرى على الإطار اليومي زوج اليورو دولار قام بتكوين نموذج رأس وكتفين، مما يشير إلى قوة احتمال استمرار الاتجاه الهابط لليورو دولار.
يتداول اليورو دولار حاليا عند مستويات 1.044، وبحسب بيانات نموذج الرأس والكتفين الحالي، فإن المستهدف السعري لزوج اليورو دولار يكون عند 1.032. وبالتالي فإن المتداولين حاليا بإمكانهم الاستفادة من هذا النموذج. وأنت أيضا عزيزي القارئ استغل الفرصة وابدأ التداول على اليورو دولار الآن مع أكسيا.