أسعار النفط تواصل صعودها
دفعت الحرب الروسية أسعار النفط إلى تخطي حاجزالـ 100 دولار للبرميل وذلك لأول مرة منذ عام 2014، ورغم أن أسعار النفط هبطت قليلًا إلا أنها عاودت الارتفاع مرة أخرى لمستويات قياسية. فلماذا عاودت أسعار النفط ارتفاعها؟ وهل تواصل الارتفاع؟
نظرة على أداء أسعار النفط
بمجرد نشوب الحرب وغزو روسيا لأوكرانيا؛ ارتفعت أسعار خام برنت إلى 103.78 دولار للبرميل، وهو أعلى مستوى منذ 14 أغسطس 2014 بما يمثل ارتفاعًا بنسبة 6.5%. كما زادت أسعار خام غرب تكساس الوسيط بنحو 5.48 دولار أو 6% لتصل إلى مستوى 97.58 دولار للبرميل بعد ارتفاعها إلى 98.46 دولار للبرميل، وهو أعلى مستوى منذ 11 أغسطس 2014، وفق ما ذكرت “رويترز”. وقد ارتفعت أسعار النفط بأكثر من 40% منذ بداية 2022.
لماذا ارتفعت أسعار النفط خلال 2022؟
-
الحرب الروسية وتبعاتها
منذ اندلاع الحرب الروسية على أوكرانيا وأسعار النفط في تزايد مستمر بسبب عدة أسباب؛ منها الخوف من تعطل الإمدادات الروسية بسبب العقوبات التى فرضها الاتحاد الأوروبي على روسيا، كما يعتزم الاتحاد الأوروبي وقف استيراد النفط الخام الروسي خلال ستة أشهر والمكررات النفطية بنهاية العام الحالي.
كما تستهدف العقوبات الأوروبية شركات التأمين الروسية وهو ما سيؤثر بالطبع سلبًا على قدرة روسيا على تصدير نفطها الخام.
وفي واقع الأمر فإن أكبر تهديد لارتفاع أسعار النفط لا يتمثل في فرض العقوبات من قبل الناتو أو الولايات المتحدة وإنما يتمثل في أن روسيا، التي تنتج أكثر من 10% من النفط العالمي قد قامت فعليًا بمنع صادراتها لدول الاتحاد الأوروبي، كما اشترطت على أن الدفع سيكون بالروبل، وهو ما يمثل انقلاب كبير على قطاع النفط والأسواق كلها بشكل عام.
-
سياسة الأوبك
أصر تحالف أوبك+ على الإبقاء على معدلات الزيادة في الإنتاج عند 400 ألف برميل يوميًا ولم يقم التحالف برفع ذلك المعدل إلا في الاجتماع الماضي والذي قام فيه برفع معدلات الإنتاج بشكل طفيف إلى 432 ألف برميل يوميًا، ولعل خوف أوبك+ من تراجع الطلب الصيني هو السر وراء الإبقاء على تلك السياسة.
وعلى الرغم من ذلك، إلا أن الكفائة الإنتاجية في دول أوبك لن تستطيع أن تواكب السياسة التوسعية في إنتاج النفط بسبب تراجع حجم الاستثمارات في صناعة النفط وذلك نظرًا لتبني السياسة العالمية الجديدة التي تدعم الاستثمارات الخالية من الانبعاثات الكربونية ودعم الاعتماد على مصادر الطاقة الخضراء وكذلك تبعات جائحة كورونا.
ما الذي قد يحد من ارتفاع أسعار النفط؟
-
استثناءات الحظر الروسي
هناك أنباء عن اقتراح الاتحاد الأوروبي لاستثناء دول المجر وسلوفاكيا وجمهورية التشيك من خطة الاتحاد الأوروبي والتي تهدف لحظر واردات النفط الروسي بنهاية العام الحالي، حيث تأخذ جمهورية التشيك وحدها حوالي نصف وارداتها من النفط الخام عبر خط أنابيب من روسيا وحتى الآن لا يوجد بدائل لديها لاستبدال هذه الإمدادات؛ على الأقل في المدى القصير.
-
تفشي فيروس كورونا في الصين
فقد شهدت عدد من المدن الصينية ارتفاعًا قويًا في وتيرة تفشي فيروس كورونا حتى تجاوزت معدل 190 ألف حالة يوميًا، مما دفع السلطات الصينية لتطبيق قيود الإغلاق في عدد من المقاطعات، وتعتبر الصين من أكبر مستوردي النفط في العالم، كما تزايدت المخاوف من تفشي كورونا خارج الصين مما قد يؤثر سلبًا على أسعار النفط كما حدث في 2020.
-
رفع الفائدة
حيث رفع الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي أسعار الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس كما كان متوقعًا، وسيخفض الاحتياطي الفيدرالي ميزانيته العمومية بإجمالي 47.5 مليار دولار، في حين سيتم فحص تعليقات رئيس مجلس الإدارة جيروم باول بحثًا عن مزيد من الإشارات بشأن رفع أسعار الفائدة.
هذه السياسة الانكماشية تعطي قوة للدولار إلا أنها ستضغط على معدلات النمو ومن ثم ستتأثر معدلات الطلب على النفط بشكل سلبي.
ماذا بعد ارتفاع أسعار النفط؟
للأسف، لن يكون ارتفاع أسعار النفط هو أسوأ ما في الأمر. حيث يمكن أن يؤدي ارتفاع أسعار الطاقة إلى رفع التكاليف في كل فئات المواد الغذائية والبلاستيك، وكل خطوة من سلاسل التوريد، بدءًا من تصنيع البضائع وتعبئتها إلى شحنها إلى المتاجر.
وفي المملكة المتحدة، وصل معدل التضخم إلى 7%، وهو أعلى معدل منذ 30 عامًا، وكان أحد الأسباب الرئيسية للتضخم في المملكة المتحدة هو ارتفاع أسعار الوقود، ومن المرجح أن تظل على هذا النحو لعدة أشهر، وفقا لبعض المحللين.
مصائب قوم عند قوم فوائد
فقد أعلنت شركة شل العملاقة للطاقة عن أعلى أرباح ربع سنوية لها على الإطلاق، وذلك تزامنا مع ارتفاع أسعار النفط والغاز في جميع أنحاء العالم، حيث حققت شل 9.13 مليار دولار (7.3 مليار جنيه إسترليني) في الأشهر الثلاثة الأولى من العام الجاري، وهو ما يقرب من ثلاثة أضعاف أرباحها البالغة 3.2 مليار دولار التي أعلنت عنها لنفس الفترة من العام الماضي.
وأيضًا أعلنت شركة “بريتيش بتروليوم” و”توتال إنرجيز”، المنافسين لشركة “شل” عن ارتفاع حاد في الأرباح. كما سجلت شركة إكوينور النرويجية، التي تزود المملكة المتحدة بربع احتياجاتها من الغاز، أرباحًا قياسية.
توقعات أسعار النفط
يبدو أن أسعار النفط بدأت تستجيب بشكل ملاحظ لمخاوف تراجع معدلات النمو العالمية، فتحت مخاوف تراجع نشاط الاقتصاد الصيني إلى جانب تشديد السياسة النقدية في دول G7 بدأت أسعار الذهب تصدر إشارات تنبأ عن تراجع محتمل لما دون 100 دولار للبرميل.
ومن الجانب الفني؛ فإن أسعار خام برنت اختتمت تداولات الأسبوع عند مستويات 110.5 دولار للبرميل، وتتحرك حاليًا أسعار خام برنت داخل مثلث حابط، تستقر قاعدته عند 94.6 دولار وهو ما قد ينبأ باحتمال تراجع النفط إلى تلك المستويات.