هل تعوض أسعار عقود الجازولين مكاسبها في الأسواق العالمية؟
شهدت أسعار الجازولين ارتفاعًا كبيرًا منذ إلغاء سياسة الإغلاق بسبب جائحة كورونا عام 2021. وذلك لكونه أحد أهم مشتقات النفط. وقد وصلت أسعار الجازولين لأسعار قياسية خلال العام الجاري فتخطت حاجز ال 5 دولارات للجالون في يونيو الماضي في الولايات المتحدة الأمريكية.
وقد جذب ذلك أنظار كثير من المستثمرين وخلال السطور التالية سوف نتعرف على أهم المستجدات في سوق الجازولين.
نظرة على سوق الجازولين
الجازولين هو وقود السيارات والذي يطلق عليه “بنزين”، وهو عبارة عن خليط من الهيدروكربونات المشتق من النفط الخام. ويستخدم الجازولين بشكل أساسي في محركات الاحتراق الداخلي. ويزداد الطلب عليه لما له من طاقة احتراقية مرتفعة.
تعد الولايات المتحدة أكبر منتج للنفط الخام والمنتجات البترولية في العالم، كما تحتل المركز الأول عالميًا في تكرير النفط بسعة 17.94 مليون برميل يوميًا لعام 2021. يلي الولايات المتحدة الصين في المركز الثاني بسعة تكريريه مقدارها 16.99 مليون برميل يوميًا، بينما تحتل روسيا المركز الثالث والهند في المركز الرابع والتي تمتلك أكبر مصفاة للنفط عالميًا وهي “جامنا غار”.
وفي المقابل تعد الصين هي أكبر دولة تستورد النفط ومشتقاته، يليها في المركز الثاني الولايات المتحدة الأمريكية. على الرغم من أن الدولتين تعتبران من أكبر الدول المنتجة للنفط وتكريره، ولكن الإنتاج لا يكفي استهلاكهم وذلك بسبب المصافي وخاصة الأمريكية والتي تم إعدادها لمعالجة أنواع نفط تختلف عن النوع المنتج محليًا.
سبب اختلاف سعر الجازولين من دولة لأخرى
توجد فروق واضحة في أسعار الجازولين أو البنزين من دولة لأخرى رغم أن السعر العالمي للمادة الخام موحد. حيث نلاحظ أن أسعار الجازولين في الدولة المنتجة والمصدرة أقل بكثير من الدول المستوردة، وكذلك الدول المتقدمة والغنية أكثر من الدول الفقيرة.
ويرجع السبب الأساسي في تلك الفروق إلى حجم الضرائب والدعم الحكومي في كل دولة. كما أنه قد يختلف من مكان لأخر داخل الدولة الواحدة بسبب تكاليف التسويق والتوزيع. فهناك أربعة عوامل رئيسية تؤثر على سعر الجازولين:
- أسعار النفط الخام بنسبة 54%
- تكاليف التكرير بنسبة 14%
- الضرائب بنسبة 16%
- تكاليف التوزيع والتسويق بنسبة 16%
أسباب الصعود القوي للجازولين
نظرا لتعدد العوامل المؤثرة في سعر الجازولين، فإن تحديد أسباب ارتفاع أسعاره تكون صعبة، لذلك يتم التركيز على سعر خام النفط العالمي والذي يمثل نحو 60% من تكلفة الجازولين بدلا من التركيز على تكلفة التجزئة التي تتغير باستمرار.
فشهد سعر جالون البنزين ارتفاعًا حادًا وخاصة في يونيو 2022 حيث تخطّى ال 5 دولارات في أمريكا والتي تعد المرة الأولى التي يصل فيها لهذا السعر بعد الأزمة العالمية في 2008. ومن أهم أسباب الصعود الحاد للجازولين:
- الارتفاع الحاد في أسعار خام النفط
يعتمد سعر الجازولين بشكل أساسي على أسعار النفط الخام العالمي، والتي شهدت ارتفاعًا حادًا منذ بداية 2021. حيث وصل سعر خام برنت 147 دولار للبرميل في مارس الماضي.
- جائحة كوفيد-19
تسببت جائحة كورونا في اضطرابات كبيرة في سلاسل التوريد العالمية وارتفاع أسعار الشحن، وخاصة بعد إلغاء قيود الإغلاق في بداية 2021. فالطلب كان ضعيفًا ولذلك تم تخفيض الإنتاج وبعدها تزايد الطلب بشكل كبير ولذلك حدث خلل. كما أن الدول المنتجة تعاني من نقص قدرات التكرير بسبب إغلاق بعض المحطات أثناء الجائحة.
- عدم التوازن بين مخرجات المصافي ومتطلبات السوق
تستورد أكبر الدول المنتجة للنفط كأمريكا مشتقاته من الخارج وذلك بسبب عدم التوازن بين مخرجات المصافي وبين متطلبات السوق من المنتجات النفطية. كما أن المصافي الموجودة تم إعدادها لتكرير أنواع مختلفة عن نوع النفط الذي تنتجه الدولة. حيث أنه لا توجد مصفاه تلبي كل طلبات المستهلك.
بالإضافة إلى انخفاض طاقة التكرير الأمريكية بسبب القواعد البيئية الفيدرالية والتحول إلى الوقود المتجدد والطاقة النظيفة بدلًا من النفط. ولهذا قامت بعض الشركات بإغلاق المصافي القديمة.
- الغزو الروسي لأوكرانيا
تحتل روسيا المركز الثالث عالميًا في إنتاج النفط الخام، وتعتمد أغلب دول أوروبا وأمريكا على النفط الروسي ومشتقاته. وتم خفض الإنتاج بشكل كبير عند فرض العقوبات الاقتصادية وتخلي أمريكا ودول أوروبا عن النفط الروسي، الأمر الذي سبب أزمة في العرض وبالتالي ارتفاع الأسعار.
- انتهاء عمليات الإغلاق في الصين
أدت سياسة الإغلاق الصارمة إلى ضعف الطلب في الصين والتي تعد أكبر مستورد للنفط ومشتقاته، ولكن مع انتهاء عمليات الإغلاق في شنغهاي فإن الطلب سوف يزيد بالتأكيد مما أدى لارتفاع الأسعار.
الأسباب التي أدت للتراجع الأخير في الأسعار
يعتبر السبب الرئيسي للانخفاض الأخير الذي حدث في أسعار الجازولين، هو انخفاض سعر النفط الخام بسبب زيادة الصادرات الروسية للصين واحتمالية زيادة الإمدادات من إيران وقرار أوبك بزيادة إنتاج الدول من النفط، وذلك في ظل ارتفاع مخاوف الركود الاقتصادي.
مستقبل أسعار الجازولين
تشير معظم التوقعات إلى استمرار اتخاذ الجازولين الاتجاه الصاعد وذلك بسبب ارتباطه بأسعار النفط والتي تتخذ هي الأخرى الاتجاه الصاعد. حيث أنه يوجد خلل كبير وعدم توازن بين المعروض من الجازولين والطلب نظرا لقلة مخرجات المصافي بالنسبة لمتطلبات السوق.
كما أن الجازولين تعد سلعة لا غنى عنها حتى مع اتجاه العالم للسيارات الكهربائية والطاقة المتجددة والنظيفة، فإن ذلك سوف يحتاج المزيد من الوقت مما سيحافظ على الجازولين كوقود رئيسي. وبالتالي فإن الفرص الاستثمارية لاتزال متاحة بقوة للتداول على عقود الجازولين مع أكسيا.