البيتكوين والطاقة النظيفة
ارتفعت انتقادات دعاة حماية البيئة لنشاط تعدين العملات الرقمية بسبب الآثار البيئية الضارة الناتجة عن التعدين. فإن أضرار التعدين لا تقتصر على استهلاك كميات كبيرة من الطاقة وحسب، بل إنه – بحسب الخبراء – فإن عملية التعدين ينتج عنها أضرار كربونية كبيرة.
ونظرًا لهذا الأثر الكربوني، فإن هناك آمال بأن تساعد أدوات تعدين البيتكوين بدون كهرباء والتي تعمل بالطاقة النظيفة سواء كانت بالرياح أو طاقة البراكين أو الطاقة الشمسية في التخفيف من بعض الآثار الكربونية.
ما هو تعدين البيتكوين بالطاقة النظيفة؟
عملية التعدين هي عملية إنتاج عملات رقمية جديدة لاستخدامها في التداول، حيث يتم ذلك عبر معاملات افتراضية، ويجري التحقق من تلك المعاملات باستخدام حسابات رياضية معقدة عبر أجهزة الكمبيوتر الضخمة وتتم عبر شبكة لامركزية أو ما يعرف بالبلوكتشين Blockchain.
وقد لجأ عدد من الشركات مؤخرًا للتفكير في إجراء عملية تعدين البيتكوين بالطاقة النظيفة، وذلك باستخدام محطات طاقة شمسية أو محطات رياح أو من خلال الطاقة الحرارية الناجمة عن البراكين.
ما فوائد تعدين البيتكوين بالطاقة النظيفة؟
بحسب بيانات مؤشر Cambridge Bitcoin لاستهلاك الكهرباء، فإن تعدين البيتكوين بالكهرباء يستخدم طاقة أكبر من العديد من الدول الصناعية مجتمعة، بما في ذلك هولندا، بل إن معاملات البيتكوين تستهلك أيضًا كميات هائلة من الطاقة، حيث تقوم كل معاملة واحدة باستهلاك حوالي 2،292.5 كيلوواط / ساعة من الكهرباء، وهو ما يكفي لتشغيل أسرة أمريكية لمدة 78 يومًا تقريبًا.
تتعرض مناجم تعدين العملات الرقمية إلى ملاحقات من قبل الحكومات في العديد من البلدان مثل الصين والهند والولايات المتحدة الأمريكية وإيران، إذ تتهم الحكومات ذلك النشاط بأنه يتسبب في أضرار بيئية نتيجة الاستهلاك الهائل للطاقة، مما سيؤدي لحدوث أزمات نقص في طاقة والانقطاع المتكرر للتيار الكهربائي.
وربما يكون ذلك السبب هو السر وراء دخول عدد من الشركات في مجال تعدين البيتكوين بالطاقة النظيفة، وتتعدد مصادر الطاقة النظيفة مثل الطاقة الشمسية والبراكين.
بلوك وبلوكستريم يستعدان لتعدين البيتكوين بالطاقة الشمسية
قام كل من شركة بلوكستريم وشركة بلوك بوضع حجر الأساس لمنجم تعدين البيتكوين عن طريق الطاقة الشمسية والبطاريات في ولاية تكساس الامريكية؛ إذ تسعى الشركتان لتقليل تكلفة تعدين العملات الرقمية وجعل عملية التعدين صديقة للبيئة بشكل أكبر.
وقال الرئيس التنفيذي لشركة بلوكستريم “آدم باك” أن المجموعتين استثمرتا نحو 6 مليون دولار في ذلك المشروع الذي من المتوقع أن ينتج نحو 0.1 بتكوين في اليوم بحسب وكالة “فرانس برس”. وقال باك: “هذه خطوة لإثبات فرضيتنا القائلة بأن تعدين البيتكوين يمكن أن يمول البنية التحتية للطاقة الخالية من الانبعاثات وبناء النمو الاقتصادي”.
تسلا تدخل كشريك للمشروع
يتمثل المشروع باستخدام الطاقة الشمسية عن طريق تخزينها في بطاريات من تصنيع شركة تسلا. وصرح الرئيس التنفيذي لشركة “تسلا”، إيلون ماسك، بأن الشركة ستبدأ أعمالها في تعدين الليثيوم وتكريره من أجل استخدامه في صناعة البطاريات المستخدمة في التعدين، وخصوصًا بعد ارتفاع تكلفة المعدن بشكل كبير، مما سيؤثر على إنتاج البطاريات.
ومن جدير بالذكر أن شركة تسلا لديها استثمارات ضخمة في عملة البيتكوين، وتشير بعض التقديرات إلى تلك الاستثمارات قد تصل إلى 1.5 مليار دولار. وكانت تسلا قد بدأت في قبول مدفوعات بالبيتكوين للسيارات الجديدة العام الماضي.
ويعتبر إيلون ماسك من أشد المدافعين عن العملات الرقمية، وقد قال أيضًا بأن تسلا سوف تفكر في قبول مدفوعات من البيتكوين مرة أخرى في المستقبل إذا تم التعدين باستخدام الطاقة المتجددة، إذا كانت الشركة قد أعلنت في وقت سابق عن قبول المدفوعات بالعملات الرقمية، إلا أنها تراجعت عن ذلك بسبب الأضرار البيئية للتعدين.
تاريخ التعدين بالطاقة النظيفة
ليس ذلك المشروع هو المشروع الأول في هذا المضمار، فقد بدأت شركة Bithub Africa في دولة كينيا بتعدين البيتكوين والإيثيريوم بدون كهرباء، وقد أعلنت الشركة خطتها في 30 أكتوبر 2018 وقد بدأت في تنفيذها بالفعل، حيث وضعت الشركة سلسلة من الكابلات والأجهزة المترابطة في مرفق التعدين الصغير في نيروبي مرتبط بلوحة شمسية بقدرة 200 وات.
ولكن لم تر هذه المحاولة نجاحًا، حيث واجهت صعوبة بسبب التقطع لأنها اعتمدت على الطاقة الشمسية في الطقس المشمس أما في حالة الغيوم فإن أعمال التعدين واجهت التقطع ولم تنجح، وهو ما تفادته شركتا بلوك وبلوكستريم من خلال بطاريات تسلا لتخزين الطاقة الشمسية.
تعدين البيتكوين من خلال طاقة البراكين
يعتمد التعدين في دولة السلفادور على محطة توليد الطاقة من الحرارة الأرضية الناتجة من البؤر البركانية، وتعتبر البيتكوين عملة رسمية في البلاد حاليًا. وفي نوفمبر الماضي، كان رئيس السلفادور، نجيب بوكيلة، قد صرح أن بلاده تخطط لبناء أول “مدينة بيتكوين” بالعالم رغم مهاجمة عدة دول له.
وقد اتحدت العديد من الشركات في العام الماضي سعيًا منهم لتحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2030 وتقليل استخدام الكهرباء في تعدين العملات المشفرة.